انخفضت صادرات الصين من المعادن الأرضية النادرة في شهر أكتوبر الماضي، مما يعكس استمرار المفاوضات بين بكين وواشنطن حول تفاصيل اتفاقية توريد هذه المواد الاستراتيجية. يأتي هذا التراجع عقب فرض الصين قيوداً تصديرية على بعض هذه المعادن في شهر أبريل، ويهدف إلى فهم تأثير هذه القيود ونتائج المحادثات التجارية الجارية على سلسلة الإمداد العالمية.
ووفقًا لبيانات الجمارك الصينية، بلغت شحنات المعادن الأرضية النادرة 6173 طنًا في أكتوبر، وهو الانخفاض الأقل منذ شهر يونيو. يشمل هذا الانخفاض المواد المستخدمة في صناعات حيوية مثل المركبات الكهربائية، والأسلحة، والتصنيع عالي التقنية، مما يثير تساؤلات حول القدرة على تلبية الطلب المتزايد.
تطورات صادرات المعادن الأرضية النادرة وتأثيرها على التجارة العالمية
تُعد الصين المنتج الرئيسي للمعادن الأرضية النادرة على مستوى العالم، وتسيطر على جزء كبير من سلسلة الإمداد الخاصة بها. وقد أثارت القيود التصديرية التي فرضتها في أبريل مخاوف بشأن إمكانية تعطيل الصناعات التي تعتمد على هذه المواد، وخاصة في الولايات المتحدة وأوروبا. وتشمل هذه القيود سبعة معادن رئيسية ومنتجاتها، بهدف منع استخدامها في التطبيقات العسكرية خارج الصين، وفقًا لتصريحات رسمية.
خلفية القيود التجارية والمفاوضات الحالية
جاءت هذه القيود في سياق التوترات التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين. ولكن، في نهاية شهر أكتوبر، توصل الرئيسان شي جين بينغ ودونالد ترامب إلى اتفاق مبدئي لتخفيف حدة هذه التوترات، والذي تضمن تعليقًا مؤقتًا لمدة عام للقيود الأكثر صرامة على المعادن الأرضية النادرة.
بالإضافة إلى ذلك، تعهدت الصين بتقديم “تراخيص عامة” للمواد التي تخضع بالفعل لقيود تصديرية. في الوقت الحالي، يعمل الجانبان على بلورة تفاصيل هذا الاتفاق، مع تحديد مهلة حتى نهاية شهر نوفمبر للتوصل إلى شروط توريد محددة، كما أفادت مصادر مطلعة.
على الرغم من الانخفاض في أكتوبر، تُظهر بيانات الجمارك ارتفاعًا إجماليًا في صادرات المعادن الأرضية النادرة خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2025. حيث بلغ إجمالي الصادرات 53 ألفًا و289 طنًا، بانخفاض طفيف قدره 4% فقط على أساس سنوي. وتشير هذه الأرقام إلى أن الصين استمرت في تصدير كميات كبيرة من هذه المواد، حتى في ظل القيود المفروضة.
وتشير التقارير إلى أن صادرات الصين من المعادن النادرة بأشكال أقل معالجة، مثل الأكاسيد، ارتفعت في أكتوبر بعد أن سجلت أدنى مستوى لها في سبعة أشهر في شهر سبتمبر. هذا التوجه قد يعكس جهود الصين لتلبية الطلب بشكل أسرع مع الحفاظ على سيطرتها على المواد الأكثر قيمة المضافة.
الآثار المحتملة وتوقعات مستقبلية
الوضع الحالي يضع الصناعات العالمية في حالة ترقب، حيث تعتمد العديد من الشركات على إمدادات ثابتة من المعادن الأرضية النادرة لتصنيع منتجاتها. إن استمرار المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ونجاحها في التوصل إلى اتفاق شامل، سيكون له تأثير كبير على استقرار سلسلة الإمداد.
من المعروف أن المعادن النادرة تلعب دوراً حيوياً في صناعة التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الإلكترونيات والمحركات الكهربائية والطاقة المتجددة. لذلك، فإن أي اضطراب في الإمدادات يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتأخير الإنتاج. وبالتالي، فإن الشركات تبحث بشكل متزايد عن مصادر بديلة للمواد الخام، وتستثمر في تقنيات إعادة التدوير.
من المتوقع صدور دفعة أخرى من البيانات التفصيلية حول صادرات الصين في نهاية شهر نوفمبر، والتي قد توفر رؤى أعمق حول تأثير القيود التجارية والمفاوضات الجارية. بالإضافة إلى ذلك، يجب مراقبة تطورات العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين عن كثب، حيث أن أي تغييرات في السياسات يمكن أن تؤثر على تدفق المواد الخام.
الوضع لا يزال متقلبًا، ويحتاج إلى متابعة مستمرة لتقييم المخاطر والفرص الناشئة في سوق المعادن الأرضية النادرة. تعتمد الصناعات على وضوح السياسات والاستقرار في الإمدادات لضمان قدرتها على تلبية الطلب المتزايد على التكنولوجيا المتقدمة.













