بقلم: يورونيوز
نشرت في
اعلان
توعد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أفغانستان بعواقب سيئة إذا لم تقبل طلب الولايات المتحدة باستعادة قاعدة “باغرام” الجوية.
وكتب ترامب على منصة “تروث سوشيال” “إذا لم تُعِد أفغانستان قاعدة غرام الجوية إلى الولايات المتحدة التي بنتها، فستحدث أمور سيئة”.
وسبق للرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تطرق إلى الموضوع، يوم الخميس، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في مقر “تشيكرز”، عقب زيارة رسمية إلى المملكة المتحدة.
وقال ترامب في حينه: “إنها واحدة من أكبر القواعد الجوية في العالم. لقد أعطيناها لهم مجانًا. نحن نحاول استعادتها، بالمناسبة، لأنهم بحاجة إلينا. نحن نريد تلك القاعدة مجددًا. ومن بين الدوافع الرئيسية وراء رغبتنا في استعادة القاعدة أنها، كما تعلمون، تبعد ساعة واحدة فقط عن المكان الذي تصنع فيه الصين أسلحتها النووية”.
وأضاف أن قاعدة باغرام لم تكن مجرد منشأة عسكرية أفغانية، بل نقطة ارتكاز إقليمية للولايات المتحدة، موضحًا أنها تضم أحد أكبر المدارج في العالم بطول 11,800 قدم (3,600 متر)، مبني من الخرسانة والفولاذ الثقيل، وقادر على استقبال القاذفات العملاقة والطائرات المخصصة لنقل البضائع.
وفي وقت لاحق، زعم ترامب أن الصين تسيطر فعليًا على قاعدة باغرام.
أفغانستان ترد على تصريحات ترامب
وردًّا على تصريحات ترامب، نشر زكير جلال، مسؤول في وزارة الخارجية الأفغانية، بيانًا على منصة “إكس”، الخميس، قال فيه: “يجب على أفغانستان والولايات المتحدة أن تتفاعلا مع بعضهما البعض… دون أن تحتفظ الولايات المتحدة بأي وجود عسكري في أي جزء من أفغانستان”.
كما نفى المتحدث باسم حركة طالبان، ذبيح الله مجاهد، ما أشار إليه ترامب بشأن “سيطرة صينية” على القاعدة، مؤكدًا: أن “القاعدة تخضع بالكامل للسيادة الأفغانية، وليس للصين أي وجود عسكري فيها”.
وكشفت شبكة CNN أن الإدارة الأمريكية قد تسعى لاستعادة القاعدة لتحسين الوصول إلى معادن الأرض النادرة، وكذلك لإمكانية إعادة فتح منشأة دبلوماسية.
ونقلت عن مصدر وصفته بالمطلع أن “تحقيق جميع الاهداف المعلنة يتطلب وجوداً عسكرياً أمريكياً، هذا يتعارض مباشرةً مع اتفاقية الدوحة التي وقّعها ترامب عام 2020، والتي نصّت على الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من أفغانستان”.
قاعدة باغرام الاستراتيجية
وتقع قاعدة باغرام الجوية في ولاية بروان، على بُعد نحو 50 كيلومترًا شمال العاصمة الأفغانية كابل، وتحديدًا على مسافة 11 كيلومترًا جنوب شرق مدينة شاريكار. وهي الأكبر من بين القواعد العسكرية التي استخدمتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) خلال حرب أفغانستان التي امتدت عقدين.
يعود تاريخ القاعدة إلى خمسينيات القرن العشرين، حين بُنيت بالتعاون بين الحكومة الأفغانية والاتحاد السوفيتي، كجزء من اتفاقيات ثنائية للتعاون العسكري والبنية التحتية. وفي عام 1976، أُضيف إليها مدرج حديث بطول يقارب 3 كيلومترات، ليواكب الطائرات العسكرية الحديثة آنذاك.
خلال الغزو السوفيتي لأفغانستان بين عامي 1979 و1989، تحولت القاعدة إلى مركز عمليات عسكري رئيسي، استُخدم لشنّ عمليات ضد الفصائل الأفغانية — المعروفة باسم “المجاهدين” — والتي كانت تتلقى دعمًا أمريكيًا وغربيًا في إطار الحرب الباردة.
وبعد انسحاب القوات السوفيتية، تعرضت القاعدة لأضرار جسيمة جراء الاقتتال الداخلي خلال سنوات الحرب الأهلية الأفغانية، وظلت شبه مهجورة حتى ديسمبر 2001، حين سيطرت عليها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بعد إسقاط نظام حركة طالبان عقب هجمات 11 سبتمبر.
عندها، أعادت الولايات المتحدة بناء القاعدة من الصفر، ووسّعت مساحتها لتصل إلى نحو 77 كيلومترًا مربعًا، وأنفقت ما يقارب 68 مليون دولار أمريكي في مراحلها الأولى لتحديث البنية التحتية، بهدف تحويلها إلى مركز لوجستي وعسكري قادر على استيعاب ما يصل إلى 10 آلاف جندي أمريكي وحلفاء.
وفي عام 2006، خصّصت واشنطن 96 مليون دولار إضافية لبناء مدرج جديد بطول 3660 مترًا — مصنوع من الخرسانة والفولاذ الثقيل — قادر على استقبال أثقل الطائرات العسكرية، بما فيها القاذفات الاستراتيجية العملاقة وطائرات الشحن من طراز C-17 وC-5. كما جُهّزت القاعدة بـ110 مواقع طائرات محمية بجدران ساترة واقية من الانفجارات، لضمان استمرارية العمليات تحت ظروف القصف أو الهجمات الصاروخية.
إلى جانب البنية التحتية الجوية، ضمت القاعدة ثلاثة مستودعات ضخمة لتخزين الأسلحة والذخائر، وبرج مراقبة متطور لإدارة حركة الطيران، ومستشفى عسكري متكامل يضم 50 سريرًا، وثلاث غرف عمليات، وقسمًا خاصًا للإصابات الحرجة، وعيادة أسنان، لتقديم الرعاية الطبية للعسكريين الأمريكيين وقوات التحالف.
وظلت القاعدة العمود الفقري للعمليات العسكرية الأمريكية في أفغانستان، ونقطة ارتكاز إقليمية للولايات المتحدة في آسيا الوسطى، حتى يوليو 2021، حين أتمّت القوات الأمريكية انسحابها منها بشكل مفاجئ ومتسارع — في خطوة سبقت الانهيار الكامل للحكومة الأفغانية وسيطرة طالبان على العاصمة كابل خلال أسابيع. ومنذ ذلك الحين، تخضع القاعدة بالكامل للإدارة الأفغانية، دون أي وجود عسكري أجنبي.