مع اقتراب شهر نوفمبر من كل عام، يترقب هواة الفلك حدثًا سماويًا مذهلاً، وهو زخة شهب الأسديات، وهي واحدة من أجمل الظواهر التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة. تشتهر هذه الزخة بأنها تعرضًا ضوئيًا متكررًا، حيث تظهر الشهب كخطوط سريعة ومضيئة تخترق سماء الليل. وتشكل هذه الظاهرة فرصة رائعة للمشاهدة والاستمتاع بجمال الكون.
من المتوقع أن تصل ذروة زخة شهب الأسديات هذا العام في ليلة 17 نوفمبر، حيث يمكن رؤية ما بين 10 و 20 شهابًا في الساعة الواحدة في الظروف المثالية. أفضل المواقع للمشاهدة بعيدة عن أضواء المدن، في مناطق ريفية أو صحراوية حيث تكون السماء مظلمة تمامًا. لكن حتى في المناطق الحضرية، يمكن رصد بعض الشهب الأكثر لمعانًا.
ما هي زخات الشهب؟
زخات الشهب ليست ظاهرة عشوائية، بل تحدث نتيجة مرور الأرض عبر مسار حطامي تركه وراءه مذنب أو كويكب. هذه الحطام، والتي تتراوح أحجامها بين حبيبات الغبار الصغيرة إلى قطع صخرية أكبر، تدخل الغلاف الجوي للأرض بسرعات عالية للغاية.
عندما تصطدم هذه الجسيمات بالغلاف الجوي، فإنها تحترق بسبب الاحتكاك، مما ينتج عنه تلك الخطوط الضوئية التي نراها ونسميها الشهب. وتتميز زخة شهب الأسديات بأنها سريعة جدًا، حيث تصل سرعتها إلى 71 كيلومترًا في الثانية. هذا يجعل الشهب المرتبطة بها ساطعة وقصيرة الأمد.
يرجع سبب تسمية هذه الزخة بـ “الأسديات” إلى أن الشهب تبدو وكأنها تنطلق من كوكبة الأسد في السماء. ومع ذلك، فإن الشهب نفسها ليست مرتبطة بالكوكبة بشكل مباشر. كوكبة الأسد بذلك تعمل فقط كاتجاه ظاهري للشهب.
متى وأين تشاهد زخات الشهب؟
تحدث زخة شهب الأسديات سنويًا بين 6 و 30 نوفمبر، لكن أقصى نشاط يكون عادة في الفترة بين 17 و 18 نوفمبر. للحصول على أفضل تجربة مشاهدة، يفضل الابتعاد عن أضواء المدن والانتظار حتى منتصف الليل أو قبل الفجر.
في هذه الفترة، تكون كوكبة الأسد في أعلى نقطة في السماء، مما يزيد من فرصة رؤية عدد أكبر من الشهب. أيضًا، يكون الجزء الليلي من الأرض متجهًا مباشرة نحو تيار الحطام الذي يسببه المذنّب 55P/Tempel-Tuttle، وهو المصدر الرئيسي لهذه الزخة.
نصائح لمشاهدة شهب الأسديات
للاستمتاع بأفضل مشاهدة لزخة شهب الأسديات، يفضل إيجاد موقع مظلم، والاستلقاء على الظهر، والسماح لعينيك بالتكيف مع الظلام. تجنب النظر مباشرة إلى كوكبة الأسد، بل ركز على المناطق المحيطة بها. ليس من الضروري استخدام أي أدوات فلكية لأن الشهب تكون مرئية بالعين المجردة.
مراقبة الأجواء الجوية أمر بالغ الأهمية أيضًا. يجب أن تكون السماء صافية وخالية من الغيوم لرؤية الشهب بوضوح. إذا كان هناك قمر مكتمل، فقد يقلل من وضوح الشهب الخافتة.
تعتبر زخات الشهب فرصة ممتازة لمشاركة هذا الحدث الفلكي مع العائلة والأصدقاء. استغلوا هذه الليلة لخلق ذكريات لا تُنسى تحت سماء الليل.
تاريخ زخة الأسديات
يُسجل تاريخ زخة الأسديات منذ حوالي 2000 عام، حيث كانت مرتبطة بمظاهر ثقافية مختلفة في الحضارات القديمة. في الماضي، كانت الزخة تعتبر فألًا سيئًا أو علامة على الحرب، لكنها اليوم تُعتبر ظاهرة طبيعية جميلة.
يعود سبب الزخة إلى مذنب Tempel-Tuttle، الذي اكتشفه عالم الفلك إرنست تمبل في عام 1865، ثم اكتشفه عالم الفلك ماكس فولف في عام 1905. يدور هذا المذنّب حول الشمس مرة كل 33 سنة، ويترك وراءه مسارًا من الحطام.
قد تحدث عواصف شهابية نادرة جدًا عندما تمر الأرض عبر جزء كثيف بشكل خاص من مسار المذنّب. آخر مرة شهدنا فيها عاصفة شهابية للأسديات كانت في عام 2001، ومن المتوقع أن يحدث ذلك مرة أخرى في المستقبل البعيد.
نظرًا لظروف الرصد المتوقعة ووضوع السماء هذا العام، من المتوقع أن تكون مشاهدة زخة شهب الأسديات تجربة ممتعة ومجزية. يجب على هواة الفلك الاستعداد لرصد هذا الحدث المذهل وتوثيقه.
بعد ذروة زخة الأسديات، ستتوفر فرص أخرى لمشاهدة زخات شهب أخرى على مدار العام. سيكون على هواة الفلك متابعة التقويم الفلكي لمعرفة مواعيد وأماكن ظهور هذه الزخات. وتشكل هذه الظواهر جزءًا من روتين الكون المثير للإعجاب.













