في مساء السابع من ديسمبر/كانون الأول 2025، يشهد سماء الجزيرة العربية حدثًا فلكيًا رائعًا يتمثل في اقتران القمر وكوكب المشتري. سيكون هذا المشهد، الذي يمكن رؤيته بالعين المجردة، فرصة ممتازة للمهتمين بمراقبة الفلك والتقاط صور مذهلة. يظهر المشتري كنقطة لامعة بالقرب من قرص القمر، مما يجعله هدفًا سهلًا للملاحظة.
يمكن رؤية هذا الاقتران ابتداءً من الثامنة مساءً بتوقيت مكة المكرمة، وسيزداد وضوحًا كلما ارتفع القمر والمشتري في السماء. سيكون المشهد في أوضح حالاته قرب منتصف الليل في معظم المناطق، ولا يتطلب استخدام أي أدوات خاصة لرصده. هذا الحدث الفلكي يمثل فرصة رائعة للتعرف على الكواكب وأماكنها في السماء.
القمر ومنزلة الذِّراع
يتغير موضع القمر في السماء بشكل مستمر بسبب دورانه حول الأرض. يظهر للناظر وكأنه ينتقل من نقطة إلى أخرى ليلة بعد ليلة، وهو ما يعرف في التراث العربي بـ “منازل القمر”. يعكس هذا المصطلح القديم فهم العرب لحركة القمر وتأثيرها على الأرض.
في ليلة السابع من ديسمبر، يظهر القمر بالقرب من نجمي الرأسين في كوكبة الجوزاء (التوأم)، وهما رأس التوأم المقدم ورأس التوأم المؤخر. وبناءً على هذا الموقع، يُقال إن القمر في “منزلة الذراع”.
وقد صاغ العرب في ذلك سجعًا مشهورًا: “إذا طلعت الذراع، حسرت الشمس القناع، وأشعلت في الأفق الشعاع، وترقرق السراب بكل قاع، وكنست الظباء والسباع”. هذا السجع يعبر عن ارتباط هذه المنزلة بظواهر طبيعية مثل اشتداد الحرارة والسراب.
ملك الكواكب: المشتري
يُلقب كوكب المشتري بـ”ملك الكواكب” عن جدارة؛ فهو أكبر الكواكب في مجموعتنا الشمسية وأكثرها ضخامة. تتجاوز كتلته مجموع كتل بقية الكواكب مجتمعة، مما يجعله قوة جاذبية مؤثرة في النظام الشمسي. بالإضافة إلى ذلك، يتميز المشتري بدوران سريع حول محوره.
يستغرق المشتري حوالي 9.9 ساعة لإكمال دورة واحدة حول محوره، بينما يستغرق حوالي 12 سنة أرضية لإكمال دورة واحدة حول الشمس. بسبب حجمه ولمعانه، يمكن رؤية المشتري بالعين المجردة، ويظهر كنقطة بيضاء لامعة في السماء. مراقبة المشتري تتطلب عادةً مساحة خالية من التلوث الضوئي.
الظواهر الجوية على المشتري
لا يظهر المشتري ككرة ساكنة، بل يتميز بغلاف جوي ديناميكي. تشكل الأحزمة الداكنة والمناطق الفاتحة على سطحه لوحة متحركة من السحب العاصفة المصنوعة من الأمونيا والماء. هذه السحب تتأثر بالرياح القوية والدوران السريع للكوكب.
ومن بين هذه الظواهر الجوية، تبرز “البقعة الحمراء العظمى”، وهي عاصفة هائلة أكبر من الأرض. هذه العاصفة مستمرة منذ قرون، وتعتبر من أبرز المعالم على سطح المشتري. تعتبر دراسة هذه العاصفة مهمة لفهم ديناميكية الغلاف الجوي للكوكب.
في أعماق كوكب المشتري، تتغير طبيعة المواد بسبب الضغط والحرارة الهائلين. يتحول الهيدروجين من غاز إلى سائل، ثم إلى حالة مشابهة لـ “الهيدروجين الفلزي” الموصل للكهرباء. هذا السائل يعمل بديلا عن الدينامو، مُوَلِّداً مجالا مغناطيسيا قويا جدا. بالإضافة إلى ذلك، يمتد المجال المغناطيسي للمشتري إلى مساحات شاسعة في الفضاء ويولد شفقًا قطبيًا مذهلاً.
تتزايد الاهتمام بـ رصد الكواكب و الظواهر الفلكية من قبل الهواة والخبراء على حد سواء. هناك العديد من التطبيقات والمواقع الإلكترونية التي تساعد في تحديد مواقع الكواكب وتوقيتات مشاهدتها.
من المتوقع أن تستمر هذه الظواهر في الظهور في سماء الجزيرة العربية خلال الأسابيع القادمة، مما يتيح الفرصة لمراقبة الكواكب والتعرف على أسرار الكون. من المهم متابعة التحديثات الفلكية والتأكد من الظروف الجوية المناسبة لضمان أفضل رؤية. الطقس يلعب دورًا هامًا في جودة الرصد الفلكي.













