تعد تحويلات العمالة من الخارج مصدرا رئيسيا –بعد عائدات الصادرات- للنقد الأجنبي في مصر ودول أخرى، وسط حاجة متزايدة للدولار في عديد اقتصادات المنطقة.
ومصر واحدة من دول عدة في المنطقة تحتاج الدولار والنقد الأجنبي لمواجهة التذبذب الحاصل في وفرتها بسبب عجز الميزان التجاري الذي يستنزف معظم مداخيل البلاد الأجنبية.
انخفاض التحويلات إلى مصر
في 2023 انخفضت التحويلات المالية إلى بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 15% إلى 55 مليار دولار، مقابل تراجع بـ3.2% في 2022، بحسب تقرير للبنك الدولي مع منظمة الشراكة العالمية للهجرة والتنمية.
وأظهر التقرير الصادر الأربعاء الماضي أن الانخفاض الكبير في العام 2023 مدفوع إلى حد كبير بانخفاض حاد في التدفقات إلى مصر، وهي أكبر متلقٍ للتحويلات المالية في المنطقة.
وعانت مصر في 2023 من شح وفرة النقد الأجنبي، واستقبلت تحويلات من مواطنيها بالخارج بقيمة 19.5 مليار دولار، رغم تراجع الرقم بنسبة 30% مقارنة مع 2022.
ومن المرجح أن تكون التحويلات المالية في جزء كبير منها قد تمت عبر قنوات غير رسمية نظرا للفجوة الواسعة بين أسعار الصرف في أسواق الصرف الأجنبي الرسمية والموازية.
وفي 2023، عانت مصر من نقص حاد في العملات الأجنبية بسبب نظام الصرف الثابت والعملة المحلية المبالغ في قيمتها.
وقد أدى هذا إلى ظهور سوق موازية، حيث تجاوز الدولار 70 جنيها، في حين بلغ السعر الرسمي للدولار 31 جنيها.
أسباب تراجع التحويلات
على المستوى العربي، يظهر مسح للأناضول استنادا على التقرير الأممي أن عوامل أخرى ساهمت في انخفاض التحويلات المالية إلى المنطقة في 2023.
وأبرز هذه العوامل:
- تباطؤ التحويلات المالية الصادرة من السعودية والإمارات، بالتزامن مع دخول البلدين في اتفاقيات لخفض إنتاج النفط الخام.
- تراجع التدفقات إلى الأردن وتونس وسط ضعف النمو الاقتصادي في منطقة اليورو التي عانت في 2023 من أسعار الفائدة المرتفعة بسبب التضخم الصاعد، وبلدان منطقة اليورو هي المصدر الرئيسي للتحويلات المالية لهذه البلدان.
- تأثر تدفقات التحويلات المالية بتداعيات سلبية للصراع المستمر في الشرق الأوسط خاصة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
مكاسب للمغرب والجزائر ولبنان
وعلى النقيض من ذلك، سجلت التحويلات المالية إلى الجزائر ولبنان مكاسب إيجابية بدعم من التدفقات من فرنسا والولايات المتحدة على التوالي.
ولم يتجاوز متوسط التحويلات المالية إلى الجزائر نحو 1.8 مليار دولار سنويا على مدى العقد الماضي، ولكن وجود سوق موازية لسعر الصرف يمكن أن يقدم علاوة تتراوح بين 30% و40%، مما يشير إلى أن حجما كبيرا من التحويلات المالية قد يتم توجيهه من خلال قنوات غير رسمية، وفق البنك الدولي.
كما سجل المغرب مكاسب، حيث وصلت إلى مستوى قياسي آخر مرتفع، مما يؤكد تأثير زلزال سبتمبر/أيلول 2023 على التحويلات المالية إلى البلاد.
55 مليار دولار حجم التحويلات المالية إلى بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2023
ورغم تراجع تحويلات العمالة الوافدة إلى بلدانهم الأم في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 15% في 2023، فإن هذه السيولة النقدية البالغة 55 مليار دولار مثلت مصدرا هاما للنقد الأجنبي.
وكانت التحويلات المالية المصدر الأكبر والأكثر استقرارا نسبيا لتدفقات الموارد الخارجية للمنطقة، متجاوزة مجموع الاستثمار المباشر الأجنبي والمساعدات الإنمائية الرسمية.
وفي 2023، تجاوزت تدفقات التحويلات المالية ضعف مجموع هذه التدفقات إلى المنطقة، التي شهدت انخفاضا حادًا في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، مما يسلط الضوء على أهمية التحويلات المالية لكل من القطاعين الخاص والعام.
ومن المرجح أن تظل التحويلات المالية مصدر تمويل حيويا للمنطقة في الأمدين القريب والمتوسط.
وعلى مستوى العالم ككل، بلغ إجمالي قيمة التحويلات المالية من قبل العمالة الأجنية 857 مليار دولار، صعودا من 843 مليار دولار في 2022، وسط توقعات بوصولها إلى 883 مليار دولار نهاية العام الجاري.