في خطوة مفاجئة هزّت أروقة الإدارة الأمريكية، أقال الرئيس دونالد ترامب مستشاره للأمن القوميمايكل والتز، ليكون ذلك أول تعديل كبير يجريه خلال ولايته الثانية.
القرار الذي أُعلن يوم الخميس الماضي، جاء تتويجًا لأشهر من التوتر والخلافات داخل فريق الرئيس، خصوصًا فيما يتعلق بكيفية التعاطي مع ملفات السياسية الخارجية، وعلى رأسها الملف الإيراني.
والتز، الذي يحمل خلفية عسكرية كضابط سابق في القوات الخاصة الأمريكية، عُرف بمواقفه المتشددة حيال الملفات الخارجية، وبدفعه باتجاه خيارات عسكرية حازمة، لا سيما ضد إيران.
وقد وجد نفسه على خلاف مع ترامب، الذي يُفضل انتهاج سياسة حذرة تبتعد عن الانجرار في صراعات جديدة ومكلفة. لم يكن الخلاف بين الرجلين وليد اللحظة، إذ بدأ منذ الأشهر الأولى من الولاية الثانية، لكنه تفاقم خلال لقاء عُقد في شباط/ فبراير 2025 بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض.
نتنياهو يشعل الخلاف
خلال هذا اللقاء، عبّر والتز بحماسة عن دعمه لموقف نتنياهو بأن الوقت قد حان لتوجيه ضربة لإيران، بل تشير مصادر مطلعة لصحيفة “واشنطن بوست” إلى أن والتز نسّق مسبقًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي لبحث خيارات عسكرية ضد طهران.
هذه التحركات أثارت استياء ترامب، الذي رأى فيها تجاوزًا لخطوطه الحمراء، خصوصًا في ظل غياب أي جهد دبلوماسي حقيقي. ونقلت الصحيفة عن أحد المقربين من الإدارة قوله: “والتز كان يريد دفع السياسة الأمريكية في اتجاه لا يوافق عليه الرئيس، وحين وصلت الأمور إلى مسامع ترامب، لم يكن راضيًا إطلاقًا”.
ولم يتأخر رد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي نفى بشكل قاطع ما تردد عن وجود “اتصالات سرية” مع مايكل والتز بشأن ضربات عسكرية ضد إيران. وقال بيان رسمي صدر السبت: “التقى رئيس الوزراء نتنياهو بالسيد والتز وستيف ويتكوف في شباط/ فبراير قبل لقائه بالرئيس ترامب في البيت الأبيض. كما شارك والتز في اجتماع مع نائب الرئيس جي دي فانس ورئيس الوزراء قبل مغادرته واشنطن. ومنذ ذلك الحين، لم يُجرِ رئيس الوزراء مع والتز سوى اتصال هاتفي واحد لم يتم التطرق فيه إلى إيران”.
فضيحة سيغنال
لكن النهاية لم تأتِ فقط نتيجة الخلافات الاستراتيجية. ففي آذار/ مارس 2025، وقع والتز في خطأ فادح حين أضاف عن طريق الخطأ جيفري غولدبرغ، رئيس تحرير مجلة ذا أتلانتك، إلى مجموعة دردشة على تطبيق سيغنال كانت تناقش خططًا عسكرية سرية ضد جماعة الحوثيين في اليمن.
هذه الفضيحة، التي أطلق عليها الإعلام الأمريكي اسم “فضيحة سيغنال” (Signalgate)، سبّبت إحراجًا بالغًا وأثارت تساؤلات حول كفاءة والتز في إدارة أمن الاتصالات.
ورغم محاولاته تبرير الموقف باعتباره “خطأ تقنيًا”، إلا أن المبررات لم تقنع لا ترامب ولا فريقه، بل أضافت إلى الاتهامات الموجهة إليه بالتصرف باستقلالية مفرطة وتجاهل حدود دوره كمستشار.
في هذه الأثناء، كلّف ترامب وزير الخارجية ماركو روبيو بشغل منصب مستشار الأمن القومي بالإنابة، وهو أمر غير مألوف منذ عهد هنري كيسنجر في سبعينيات القرن الماضي.
يأتي إبعاد والتز في لحظة دقيقة جدًا، إذ تواجه إدارة ترامب ملفات ملتهبة تشمل إيران وأوكرانيا وغزة. ويتولى المبعوث الخاص ستيف ويتكوف حاليًا مهمة إدارة هذه الملفات المعقدة وسط ارتباك داخلي تفاقم مع استقالة نائب والتز، أليكس وونغ.