من المتوقع أن يشهد سوق الهواتف الذكية العالمي انخفاضًا في المبيعات خلال العام المقبل، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف المكونات الأساسية مثل الرقائق. تشير تقديرات شركة كاونتربوينت لأبحاث السوق إلى انخفاض بنسبة 2.1% في شحنات الهواتف الذكية على مستوى العالم في عام 2026، مما يعكس تحديات متزايدة تواجه الشركات المصنعة والمستهلكين على حد سواء.
يأتي هذا التوقع في ظل حالة من الاضطراب في سلاسل التوريد العالمية للإلكترونيات، حيث يتزايد الطلب على الرقائق المتقدمة المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى نقص في الرقائق التقليدية التي تدخل في صناعة الهواتف الذكية. وقد أثر هذا النقص على قدرة الشركات على تلبية الطلب المتزايد على الأجهزة المحمولة.
تأثير ارتفاع تكاليف الرقائق على سوق الهواتف الذكية
وبحسب تقرير كاونتربوينت، من المتوقع أن تتأثر العلامات التجارية الصينية بشكل خاص بانخفاض المبيعات، مثل شركتي “هونر” و”أوبو”. ويرجع ذلك إلى تركيزها على قطاع الهواتف الذكية ذات الأسعار المعقولة، حيث تكون هوامش الربح ضيقة، وبالتالي فإن أي زيادة في التكاليف تؤثر بشكل كبير على قدرتهم التنافسية.
الأمر لا يتعلق فقط بالرقائق التقليدية. فقد أشارت الشركة إلى أن إقدام “إنفيديا” على استخدام أنواع معينة من رقائق الذاكرة، المناسبة في الأصل للهواتف الذكية، في خوادم الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار هذه المكونات. وتشير التقديرات إلى احتمال مضاعفة الأسعار بحلول نهاية عام 2026.
الطلب على الهواتف الذكية المتقدمة
على الرغم من التحديات، تشير بيانات مؤسسة “إنترناشونال داتا كوربوريشن” (IDC) إلى أن الربع الثالث من عام 2025 شهد ارتفاعًا في شحنات الهواتف الذكية بنسبة 2.6% على مستوى العالم. يعزى هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى زيادة الطلب على الهواتف الذكية المتطورة، المجهزة بتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
ويتسبب إطلاق ميزات جديدة وجذابة، بالإضافة إلى العروض الترويجية والأسعار المنافسة، في الحفاظ على قوة الطلب على هذه الهواتف. وبينما يواجه الاقتصاد العالمي حالة من عدم اليقين، وتهدد الرسوم الجمركية نمو التجارة الدولية، إلا أن المستهلكين لا يزالون يفضلون الهواتف الذكية التي تتيح لهم الاستفادة من أحدث التقنيات.
تطورات سوق أشباه الموصلات
تُعد أزمة الرقائق جزءًا من مشكلة أوسع تتعلق بتغير هيكل سوق أشباه الموصلات. هناك تحول ملحوظ نحو إنتاج الرقائق المخصصة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مما يقلل من الإمدادات المتاحة للرقائق التقليدية المستخدمة في الأجهزة الإلكترونية الأخرى، بما في ذلك الهواتف الذكية. ويُعد هذا التحول نتيجة للاستثمارات الضخمة التي تقوم بها الشركات التكنولوجية الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي.
ويرى المحللون أن هذا النقص في الرقائق التقليدية قد يستمر لفترة من الوقت، مما سيؤثر على أسعار الهواتف الذكية وقدرة الشركات على الابتكار. بالإضافة إلى ذلك، فإن التوترات الجيوسياسية واضطرابات سلاسل التوريد العالمية تزيد من تعقيد الوضع.
مع ذلك، يستمر التنافس في سوق الهواتف الذكية، ويسعى المصنعون إلى إيجاد حلول للتغلب على هذه التحديات. يشمل ذلك تنويع مصادر التوريد، والاستثمار في البحث والتطوير لإنتاج رقائق أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة. كما تحاول بعض الشركات تطوير تقنيات بديلة للرقائق التقليدية.
وفي الختام، من المتوقع أن يشهد سوق الهواتف الذكية تحديات كبيرة في العام المقبل بسبب ارتفاع تكاليف الرقائق ونقصها. سيتطلب ذلك من الشركات المصنعة اتخاذ تدابير استباقية للتكيف مع هذه الظروف الجديدة والحفاظ على قدرتها التنافسية. سيراقب خبراء الصناعة عن كثب تطورات أسعار الرقائق، واستجابة الشركات المصنعة، وأي تغييرات في الطلب على الهواتف الذكية المتطورة خلال الأشهر القادمة.













