في تطور لافت، حققت امرأة يابانية مسنة، هيساكو ساكاي البالغة من العمر 92 عامًا، إنجازًا غير مسبوق بفوزها ببطولة في لعبة القتال الشهيرة “تيكن 8”. هذا الفوز يثير جدلاً حول الرياضات الإلكترونية للمسنين وإمكانات كبار السن في عالم الألعاب الرقمية، ويؤكد أن المهارة والتحدي لا يقتصران على فئة عمرية معينة. وقد لفت هذا النجاح انتباه وسائل الإعلام العالمية.
جرت البطولة في اليابان الشهر الماضي، ونظمتها جمعية كير للرياضات الإلكترونية. وتغلبت ساكاي على سبعة لاعبين آخرين جميعهم من كبار السن، تتراوح أعمارهم بين 73 و 95 عامًا. وقد استخدمت في اللعب شخصية “كلاوديو” الإيطالية، وتمكنت من تحقيق الفوز النهائي على غورو سوغياما البالغ من العمر 74 عامًا، والذي لعب بشخصية “ليلي”.
دور الرياضات الإلكترونية للمسنين في تعزيز النشاط الذهني والاجتماعي
يهدف تنظيم هذه البطولات، مثل بطولة Care Esports، إلى تشجيع كبار السن على الانخراط في عالم الألعاب الإلكترونية والاستفادة من فوائدها المتعددة. تشير الدراسات إلى أن ممارسة ألعاب الفيديو، وخاصة تلك التي تتطلب تفكيرًا استراتيجيًا وتنسيقًا بصريًا حركيًا، يمكن أن تساهم في تحسين الوظائف المعرفية لدى كبار السن، بما في ذلك الذاكرة والانتباه. بالإضافة إلى ذلك، توفر هذه الألعاب فرصة للتواصل الاجتماعي والتفاعل مع الآخرين.
تزايد شعبية الألعاب الإلكترونية بين كبار السن
على الرغم من أن الألعاب الإلكترونية غالبًا ما ترتبط بالشباب، إلا أن هناك تزايدًا ملحوظًا في شعبيتها بين كبار السن في السنوات الأخيرة. ويعزى ذلك إلى عدة عوامل، منها سهولة الوصول إلى الأجهزة والألعاب، وتوفر الألعاب المصممة خصيصًا لتلبية احتياجاتهم وقدراتهم. كما أن انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ساهم في تعريف كبار السن على هذا العالم الجديد.
تعتبر لعبة “تيكن” من بين الألعاب القتالية الأكثر شعبية في العالم، وتتميز بشخصياتها المتنوعة وأنماط لعبها المعقدة. وهي تتطلب من اللاعبين سرعة البديهة والتركيز العالي والقدرة على اتخاذ القرارات السريعة. فوز هيساكو ساكاي يؤكد أن هذه المهارات يمكن تطويرها وصقلها في أي عمر.
وفي سياق متصل، تتجه العديد من دول العالم إلى إطلاق مبادرات وبرامج تهدف إلى دعم مشاركة كبار السن في الأنشطة الرقمية، بما في ذلك الألعاب الإلكترونية. وتشمل هذه المبادرات توفير التدريب والدعم الفني، وتصميم ألعاب مخصصة، وتنظيم بطولات ومسابقات. تأتي هذه الجهود في إطار رؤية أوسع لتعزيز دمج كبار السن في المجتمع وتمكينهم من الاستفادة من التكنولوجيا في حياتهم اليومية.
يأتي هذا الإنجاز في وقت يشهد فيه قطاع الرياضات الإلكترونية نموًا سريعًا على مستوى العالم. فقد أصبحت الرياضات الإلكترونية صناعة بمليارات الدولارات، وتجذب ملايين المشاهدين والمشاركين. وتشهد هذه الصناعة تطورات مستمرة في مجال التكنولوجيا والألعاب والبطولات. وتساهم هذه التطورات في جعل الرياضات الإلكترونية أكثر جاذبية وشعبية بين جميع الفئات العمرية.
على الرغم من أن فوز هيساكو ساكاي ربما يكون مجرد بداية، إلا أنه يمثل علامة فارقة في نظرتنا إلى الرياضات الإلكترونية التنافسية وإمكانات كبار السن. وتشير التقارير إلى أن هذا النجاح قد يشجع المزيد من كبار السن على الانخراط في عالم الألعاب، وقد يؤدي إلى ظهور أبطال جدد في هذا المجال.
لا يقتصر تأثير هذا الحدث على مجال الألعاب فقط، بل يمتد ليشمل مجالات أخرى مثل الصحة والتعليم والترفيه. فقد أثبتت هذه القصة أن الألعاب الإلكترونية يمكن أن تكون أداة فعالة لتحسين الصحة العقلية والجسدية لكبار السن، وتعزيز مهاراتهم المعرفية والاجتماعية. كما أنها يمكن أن تكون وسيلة ممتعة ومفيدة لقضاء أوقات الفراغ.
من المتوقع أن تستمر جمعية كير للرياضات الإلكترونية في تنظيم المزيد من البطولات والمناسبات التي تستهدف كبار السن في المستقبل القريب. كما أن هناك خططًا لتوسيع نطاق هذه البطولات لتشمل دولًا أخرى. الهدف هو إنشاء مجتمع عالمي من اللاعبين المسنين، وتوفير لهم منصة للتنافس والتواصل والاستمتاع.
ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه اللاعبون المسنون في عالم الرياضات الإلكترونية، مثل نقص الدعم المالي والتقني، وصعوبة التكيف مع التطورات السريعة في مجال الألعاب. يتطلب التغلب على هذه التحديات تضافر جهود الحكومات والشركات والمؤسسات غير الربحية. يجب توفير المزيد من الموارد والفرص لكبار السن للانخراط في عالم الرياضات الإلكترونية.
في الختام، يمثل فوز هيساكو ساكاي في بطولة “تيكن 8” حدثًا تاريخيًا وملهمًا. ويؤكد هذا الإنجاز أن العمر ليس عائقًا أمام تحقيق النجاح في أي مجال، وأن الشغف والتحدي هما المحركان الرئيسيان للابتكار والإبداع. من المنتظر أن تعلن جمعية كير عن تفاصيل النسخة القادمة من البطولة في غضون الشهرين القادمين، مع التركيز على زيادة المشاركة وتوفير تجربة أفضل للاعبين. يبقى أن نرى ما إذا كان هذا النجاح سيؤدي إلى تغييرات جذرية في نظرتنا إلى الرياضات الإلكترونية ودور كبار السن فيها.












