دشّنت جنوب أفريقيا منجماً جديداً للذهب، وهو الأول من نوعه في البلاد منذ 15 عاماً، في محاولة لتعزيز مكانتها في قطاع الذهب الذي كان يوماً ما حجر الزاوية في اقتصادها. يأتي هذا الإطلاق في ظل طفرة عالمية في أسعار الذهب، مما يوفر فرصة لدعم الجهود الرامية إلى إعادة تنشيط الإنتاج المحلي وتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية.
يقع المنجم الجديد، الذي تديره شركة ويست ويتس ماينينغ المحدودة الأسترالية، في ضواحي جوهانسبرغ تحت اسم “كلا شالوز”. ومن المتوقع أن ينتج المنجم حوالي 70 ألف أوقية من الذهب سنوياً، بعائدات متوقعة تصل إلى 90 مليون دولار أمريكي، حسبما أعلنت الشركة. وقد بدأت عمليات الاستخراج الأولية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مما يشير إلى التقدم السريع نحو تحقيق كامل القدرة الإنتاجية.
طفرة الأسعار العالمية للذهب
شهد سعر الذهب ارتفاعاً ملحوظاً خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2025، متجاوزاً حاجز 4100 دولار للأوقية لأول مرة في التاريخ. يعزى هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى التصاعد في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى التوقعات بحدوث تخفيضات في أسعار الفائدة الأمريكية. وقد أدى ذلك إلى زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن للاستثمار.
في تداولات يومية، قفز سعر الذهب الفوري بنسبة 2.2% ليصل إلى 4106 دولار للأوقية، قبل أن يحقق مستوى قياسياً جديداً عند 4116 دولار. وارتفع المعدن النفيس لاحقاً ليصل إلى 4227 دولار للأوقية، على الرغم من توقعات بتحركات تصحيحية طفيفة على أساس أسبوعي. هذا الارتفاع يضع ضغوطاً إيجابية على شركات تعدين الذهب لزيادة الإنتاج وتحسين الربحية.
التحديات التي تواجه صناعة الذهب في جنوب أفريقيا
على الرغم من تاريخها الطويل كأكبر منتج للذهب في العالم، فقد شهدت جنوب أفريقيا انخفاضاً حاداً في إنتاجها خلال العقدين الماضيين. ويعزى هذا الانخفاض إلى عدة عوامل، بما في ذلك ارتفاع تكاليف التشغيل، وصعوبة الوصول إلى رواسب جديدة، وتنافس متزايد من دول أخرى مثل أستراليا وكندا. وبحسب تقارير وزارة الموارد المعدنية، انخفض إنتاج الذهب بنسبة تزيد عن 70% خلال هذه الفترة.
نتيجة لذلك، اضطرت العديد من الشركات المحلية الكبرى إلى البحث عن فرص استثمارية في الخارج لتعويض التراجع في الإنتاج المحلي. في الوقت نفسه، تبحث الحكومة عن طرق لجذب الاستثمارات الأجنبية وإعادة تنشيط قطاع التعدين في البلاد، مع التركيز على المشاريع الجديدة والتقنيات المبتكرة.
آثار افتتاح منجم “كلا شالوز”
يمثل افتتاح منجم “كلا شالوز” خطوة مهمة في جهود جنوب أفريقيا لتعزيز إنتاجها من الذهب واستعادة مكانتها في السوق العالمية. ومن المتوقع أن يوفر المنجم فرص عمل جديدة في المنطقة، بالإضافة إلى المساهمة في زيادة الإيرادات الضريبية للحكومة. بالإضافة إلى ذلك، قد يشجع هذا المشروع على المزيد من الاستثمارات في قطاع تعدين الذهب، مما يساعد على جذب التكنولوجيا والخبرات الجديدة.
ويُتوقع أن يعزز هذا المنجم من مكانة جنوب إفريقيا كمنتج رئيسي للمعادن الثمينة. ومع ذلك، فإن نجاح هذا المشروع يعتمد بشكل كبير على استقرار أسعار الذهب العالمية وقدرة الشركة على إدارة تكاليف التشغيل بفعالية. الاستدامة البيئية للمنجم أيضاً تعتبر عاملاً هاماً لضمان الحصول على الدعم المجتمعي والحفاظ على سمعة الصناعة.
الخطوة التالية ستكون مراقبة التقدم في تحقيق القدرة الإنتاجية الكاملة للمنجم وتقييم تأثيره على الاقتصاد المحلي. يتوقع الخبراء أن تشهد صناعة الذهب في جنوب إفريقيا تحولات كبيرة خلال السنوات القادمة، مع إمكانية ظهور مشاريع جديدة وتوسعات في العمليات القائمة. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التحديات التي يجب مواجهتها، بما في ذلك قضايا البنية التحتية ونقص المهارات والتأثيرات البيئية المحتملة، مما يستدعي الحذر والمتابعة الدقيقة.













