ما الذي يحدث في العراق؟ ولماذا تحرك المكون السني بعد سكون طويل؟ وما دوافع عودة ظهور اسم «داعش» إلى الواجهة السياسية؟
أسئلة مركزية تلخص الواقع السياسي العراقي بعد انهيار النظام السوري وهروب بشار الأسد، ما دفع بغداد إلى اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمنع انتقال العدوى السورية.
وحذرت رسالة من المرجع البارز علي السيستاني إلى «الإطار التنسيقي»، من إمكانية أن تشهد العراق أحداثاً مماثلة لما جرى في سورية، ما دفع التحالف الحاكم إلى المسارعة بعقد اجتماع طارئ في مكتب زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، بالمنطقة الخضراء، مساء (الأحد)، لبحث مضامين الرسالة.
الرسالة التي وصفت بأنها «شديدة اللهجة»، رأت أن إسقاط نظام الأسد في سورية حرك المياه الراكدة في العراق، مطالبةً الحكومة بمنع أنشطة الفصائل المسلحة، وحصر السلاح بيد الدولة. وشددت على ضرورة إصلاح الوضع السياسي والاقتصادي، وعدم جر العراق إلى الصراعات التي تشهدها المنطقة.
وحسب مصدر مقرب من التحالف، فقد حذرت رسالة السيستاني من استمرار الأوضاع الحالية وخطورة اندلاع احتجاجات شعبية مناهضة، وطالبت بإعادة النظر فيما يحصل في العراق، وشددت على عدم رهن القرار السياسي بمصير وسياسات بعض البلدان في المنطقة، وأن العراق لا يجب أن يكون ساحة لتصفية الحسابات بين الدول المتخاصمة.
الحراك السياسي الداخلي والخارجي ظهر بعد أن بدأت قوى سياسية تحذر من «سيناريوهات» مشابهة للوضع السوري، إذا لم تُجرَ إصلاحات سريعة في الداخل وتركز أغلب التحذيرات على الابتعاد عن الارتباط بدول على حساب أخرى وتغليب المصلحة العراقية.
ووسط الزخم السياسي لمواجهة تطورات الأحداث في المنطقة، بدأت أغلب الزعامات الشيعية بتوجيه تحذيرات خصوصاً للمناطق التي كانت تحت سيطرة «داعش»، خوفاً من انتقال الأحداث السورية إليها.
بموازاة ذلك، دعت 6 شخصيات بارزة من المكوّن السني إلى إطلاق حوار وطني شامل، ومعالجة مظالم السجناء وقضايا العنف السياسي.
وتحدثت الشخصيات التي تضمنت رئيس البرلمان الحالي محمود المشهداني، إلى جانب رؤساء برلمان سابقين مثل أسامة النجيفي وسليم الجبوري، عن ضرورة معالجة الأزمات السياسية والاقتصادية التي أضعفت العراق.
وأكدت في بيان رفضها أي استخدام للعنف في عمليات الإصلاح، مشددة على أن الإرهاب في العراق فقد حاضنته الشعبية، وأن الاتهامات المتعلقة بتمدد الفصائل السورية داخل العراق تفتقر إلى الصحة.
من جهته، اعتبر برلماني سني بارز، أن رسائل رؤساء النواب «تحذيرية» للإطار التنسيقي، خصوصاً في ظل تصاعد الآراء والتوقعات بأن العراق سيكون الجغرافيا التالية لإعادة هيكلة الشرق الأوسط. ورأى أن البيان كشف المسكوت عنه من قبل «الإطار التنسيقي».
بالمقابل، فإن تحالف الإطار ما يزال حتى الآن في حالة إنكار سياسي لضرورة وحتمية الإصلاح في العراق وضرورة الجلوس على طاولة حوار مع القوى المعارضة للعملية السياسية.
المخاوف العراقية والحراك السياسي الداخلي والخارجي ظهر جليّاً على لسان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال لقائه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، (الجمعة)، مؤكداً «موقف العراق الداعم لسورية في هذه المرحلة المهمة». وقال إن العراق ينتظر «الأفعال لا الأقوال من القائمين على إدارة المرحلة الانتقالية في سورية». لكن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ذهب أبعد من ذلك عندما، كشف أن بغداد طرحت ورقة «شاملة» حول خطة العمل بشأن مستقبل سورية، مؤكداً أن «الاستقرار الأمني والسياسي في سورية جزء لا يتجزأ من الاستقرار في العراق». وقال: «لا نريد ليبيا ثانية في المنطقة».
وتواجه الحكومة العراقية ضغوطاً شديدة منها «لجم» الفصائل المسلحة بشكل قاطع هذه المرة ولا يزال الداخل منقسماً بشأن تداعيات الوضع في سورية.
في غضون ذلك، يعتقد مقرب من الإطار التنسيقي أن الحراك الدبلوماسي الأخير يسعى «لتجنيب العراق ارتدادات ما يحصل في سورية».
وقال القيادي في تيار الحكمة رحيم العبودي: «على الرغم من وجود خلايا لتنظيم داعش، فإن الظرف السياسي والوضع المجتمعي يرفضان حدوث سيناريو مشابه لما جرى في سورية».