سيستان وبلوشستان – على الحدود الشرقية لإيران، بالقرب من معبر ميلك، تتجمع العائلات الأفغانية في مراكز إيواء مؤقتة قبل عودتها إلى ديارها. هذه المراكز، التي تشبه القاعات الكبيرة، تستقبل أعدادًا متزايدة من الأفغان الراغبين في العودة، مما يجعل المنطقة مساحة انتظار وقلق معقدة. يتزايد الحديث عنلاجئي أفغانستان، والظروف الإنسانية التي يواجهونها قبل وخلال عملية العودة.
تشهد محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية حركة مستمرة للأفغان الذين يختارون العودة إلى بلادهم، إما طواعية أو بعد انتهاء ظروف إقامتهم في إيران. وخلال الشهر الجاري، وثقت الجزيرة نت تفاصيل الحياة اليومية في مخيمي الغدير في زاهدان وميلك في مقاطعة هيرمند، بالإضافة إلى مراكز التجمع المؤقتة، حيث تتشابك الإجراءات الرسمية مع الاحتياجات الإنسانية العاجلة.
أوضاع اللاجئين الأفغان على الحدود الإيرانية
تبدأ الحياة في مخيم الغدير مع بزوغ الفجر، حيث تُفتح أبواب القاعات لاستقبال العائدين. تنقسم المساحات إلى مناطق منفصلة للرجال والنساء، مع تخصيص ركن صغير للأطفال يضم ألعابًا محدودة وأرضيات إسفنجية لضمان سلامتهم. وتوفر السلطات الإيرانية أكياس نوم رمادية موحدة لكل شخص، وهي وسيلة أساسية للحماية من برودة ليالي الصحراء.
تلعب المتطوعات دورًا حيويًا في تقديم الرعاية الأولية للعائدين. زينب ساراني، متطوعة في جمعية الهلال الأحمر الإيرانية، تشير إلى أن التحديات تتغير مع الفصول، ففي الصيف كان الحر الشديد هو المشكلة الرئيسية، بينما يمثل البرد الآن تهديدًا، خاصة للأطفال. وتشمل مهامها قياس ضغط الدم، وتقديم الإسعافات الأولية، ومتابعة الحالات الطبية التي تتطلب تدخلًا أكثر تخصصًا.
وتؤكد فرق الهلال الأحمر على أهمية سرعة الاستجابة للحالات الطارئة، مع توفير التحويلات اللازمة إلى المستشفيات القريبة. وقال مسؤول في الهلال الأحمر إن الهدف هو تخفيف معاناة العائدين قدر الإمكان، حتى لو كانت إمكانياتهم محدودة.
تحديات العودة إلى أفغانستان
لا يقتصر القلق على الظروف المعيشية في المخيمات، بل يمتد إلى المستقبل المجهول الذي ينتظر العائدين في أفغانستان. عبد الله، وهو رجل أربعيني قضى أكثر من 12 عامًا في إيران كعامل بناء، يعبر عن خوفه من عدم العثور على عمل أو مسكن في بلاده. ويقول إنه اعتاد على إعالة أسرته، ولا يريد أن يصبح عبئًا عليها.
وتشير تصريحات نعمة الله، وهو أفغاني آخر، إلى أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة في إيران دفعت الكثيرين إلى اتخاذ قرار العودة رغم المخاطر. ويرى أن فرص العمل في إيران أصبحت أقل، وأن الحياة هناك لم تعد ميسرة كما كانت في السابق.
تُعد النساء الحوامل والأطفال من بين الفئات الأكثر ضعفًا. مريم، وهي امرأة حامل في شهرها السابع، تروي تجربتها الشاقة في الوصول إلى المخيم، وتعبر عن خوفها على صحة جنينها. وتوفر الفرق الطبية في المخيم رعاية خاصة للنساء الحوامل، مع إجراء الفحوصات اللازمة وتقديم الدعم النفسي.
التعليم المفقود: مستقبل الأطفال المعرض للخطر
يشكل انقطاع التعليم تحديًا كبيرًا يواجهه الأطفال الأفغان العائدون. العديد منهم لم يلتحقوا بالمدارس في إيران بسبب عدم وجود أوراق إقامة رسمية. تمنّى، وهي طفلة تبلغ من العمر 8 سنوات، لم تذهب إلى المدرسة أبدًا، وتعرب عن رغبتها في التعلم، لكنها قلقة من أن السلطات في أفغانستان قد لا تسمح لها بذلك.
ويقول خبراء في مجال الطفولة إن عدم الالتحاق بالمدارس يزيد من شعور الأطفال بالعزلة، ويجعل العودة إلى الحياة الطبيعية أكثر صعوبة. ويؤكدون على أهمية توفير فرص تعليمية للأطفال العائدين، لمساعدتهم على التغلب على الصدمات النفسية وبناء مستقبل أفضل.
مستقبل العائدين الأفغان: نظرة إلى الأمام
تتخذ السلطات الإيرانية خطوات لتسهيل عملية العودة، وتوفير الخدمات الأساسية للعائدين في المخيمات. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التحديات التي تواجههم، بما في ذلك عدم اليقين بشأن مستقبلهم في أفغانستان، والصعوبات الاقتصادية، وانقطاع التعليم. يُذكر أن أعداد المهاجرين الأفغان في إيران قد شهدت تقلبات كبيرة خلال العقد الماضي، بالتزامن مع الأوضاع السياسية والاقتصادية في أفغانستان.
من المتوقع أن تستمر حركة العودة خلال الأشهر القادمة، مع تدهور الأوضاع المعيشية في إيران. ويبقى من الضروري توفير الدعم الإنساني المستمر للعائدين، ومساعدتهم على الاندماج في مجتمعاتهم في أفغانستان. تعتبر قضيةالوضع الإنساني في أفغانستان من القضايا الملحة التي تتطلب اهتمامًا دوليًا متزايدًا.













