يطالب السيناتور الأمريكي مارك وارنر بوضع شركة “بي جي آي” (BGI) الصينية، المتخصصة في تحليلات الحمض النووي، على القوائم السوداء الأمريكية، وذلك بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي والبيانات الحساسة. يأتي هذا الطلب في ظل تزايد القلق بشأن الدور المتنامي للشركات الصينية في مجال التكنولوجيا الحيوية، وإمكانية استخدامها في أغراض عسكرية أو استخباراتية. وتعتبر هذه القضية جزءًا من نقاش أوسع حول المنافسة التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين.
وتشغل شركة “بي جي آي” مكانة بارزة في قطاع تحليلات الحمض النووي على مستوى العالم، حيث تقدم خدماتها لمجموعة واسعة من العملاء في مجالات الرعاية الصحية والبحث العلمي. وقد اكتسبت الشركة أهمية خاصة خلال جائحة كوفيد-19، من خلال توفيرها اختبارات واسعة النطاق للكشف عن الفيروس. ومع ذلك، فإن هذا الانتشار العالمي يثير تساؤلات حول الوصول إلى البيانات الجينية الحساسة.
مخاوف الأمن القومي بشأن شركة بي جي آي (BGI)
يرى السيناتور وارنر، عضو لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي، أن شركة “بي جي آي” قد تتجاوز في تأثيرها شركة “هواوي” من حيث الوصول إلى التقنيات المتقدمة والبيانات الحساسة. ويستند هذا الرأي إلى قدرة الشركة على جمع وتحليل كميات هائلة من البيانات الجينية، والتي يمكن أن تستخدم في تطوير أسلحة بيولوجية أو في برامج استخباراتية.
الارتباطات الحكومية الصينية
تثير الارتباطات الوثيقة لشركة “بي جي آي” بمشروع الجينوم الوطني الصيني قلقًا خاصًا. فقد أشارت تقارير إلى أن الشركة تعمل بشكل وثيق مع الحكومة الصينية في مشاريع بحثية حساسة، مما يثير مخاوف بشأن إمكانية استخدام البيانات التي تجمعها لأغراض تتعارض مع المصالح الأمريكية. وتدير الشركة شبكة من المختبرات داخل الصين وخارجها، مما يجعل من الصعب مراقبة أنشطتها وفرض عقوبات عليها.
سباق التسلح الحيوي
يؤكد خبراء الأمن أن الوصول الواسع لشركة “بي جي آي” إلى البيانات الجينية يمثل محورًا استراتيجيًا في سياق ما يُعرف بـ “سباق التسلح الحيوي”. فالقدرة على فك شفرة الحمض النووي البشري يمكن أن تفتح الباب أمام تطوير أسلحة بيولوجية أكثر فعالية، أو أمام محاولات لتعديل الجينات البشرية لتحقيق أهداف عسكرية. وتشير بعض التقارير إلى أن الشركة قد تكون مهتمة بـ “فك شفرة الجنود الخارقين” من خلال تحديد العوامل الجينية التي تساهم في القدرات البدنية والعقلية الاستثنائية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بشأن التعاون بين “بي جي آي” وشركات تكنولوجيا غربية. فقد أبرمت شركة “إنتل” اتفاقيات تجارية مع “بي جي آي” في الماضي، بما في ذلك تطوير خدمات سحابية ووحدات للكشف عن كوفيد-19. ويثير هذا التعاون تساؤلات حول مدى وعي الشركات الغربية بالمخاطر المحتملة المرتبطة بالعمل مع شركة صينية مرتبطة بالحكومة.
وتشمل المخاوف المتعلقة بـ البيانات الجينية (Genetic data) أيضًا إمكانية استخدامها للتمييز ضد مجموعات معينة من الأشخاص، أو لتقويض الخصوصية الفردية. وتعتبر حماية البيانات الحيوية (Biometric data) من القضايا الملحة التي تتطلب تعاونًا دوليًا.
في المقابل، تدافع شركة “بي جي آي” عن نفسها، مؤكدة أنها ملتزمة بأعلى معايير الأمن والخصوصية، وأنها لا تشارك في أي أنشطة تتعارض مع القوانين الدولية. وتقول الشركة إنها تسعى إلى تطوير تقنيات جديدة لتحسين صحة الإنسان، وأنها تتعاون مع شركاء من جميع أنحاء العالم لتحقيق هذا الهدف.
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه العلاقات بين الولايات المتحدة والصين توترات متزايدة في مجالات متعددة، بما في ذلك التجارة والتكنولوجيا والأمن. وتعتبر قضية “بي جي آي” مجرد مثال واحد على التحديات التي تواجهها الدول الغربية في التعامل مع الشركات الصينية الناشئة.
من المتوقع أن يناقش الكونجرس الأمريكي طلب السيناتور وارنر في الأسابيع القادمة، وقد يتخذ إجراءات لفرض قيود على أنشطة شركة “بي جي آي” في الولايات المتحدة. كما من المحتمل أن تثير هذه القضية نقاشًا أوسع حول الحاجة إلى تعزيز الرقابة على الشركات الصينية التي تعمل في قطاعات التكنولوجيا الحيوية. وستراقب الحكومات والشركات في جميع أنحاء العالم التطورات المتعلقة بهذه القضية عن كثب، لتقييم المخاطر المحتملة واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحها.













