أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارته إلى نيودلهي يوم الجمعة، عن استمرار روسيا في تصدير الوقود إلى الهند، وذلك في ظل الضغوط المتزايدة من الولايات المتحدة لتقليل واردات الهند من النفط الروسي. تأتي هذه الخطوة في وقت تسعى فيه الهند إلى تنويع مصادر الطاقة مع الحفاظ على علاقاتها التجارية المهمة، بينما تواجه روسيا تحديات في إيجاد أسواق بديلة بعد العقوبات الغربية. ويهدف هذا التعاون المستمر إلى تعزيز الاقتصاد الهندي وتأمين إمدادات الطاقة المستقرة.
وأكد بوتين لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أن روسيا تعتبر مورداً موثوقاً به للنفط والغاز والفحم، وأنها مستعدة لدعم قطاع الطاقة الهندي من خلال توفير إمدادات مستمرة من الوقود. هذه الزيارة تمثل أهمية خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية المستمرة والتوترات التجارية العالمية، وتؤكد على عمق العلاقات بين البلدين.
أهمية صادرات النفط الروسي إلى الهند
تعتبر الهند من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، وبالتالي فإن احتياجاتها من الطاقة في تزايد مستمر. وقد شهدت واردات الهند من النفط الروسي زيادة كبيرة منذ بداية الحرب في أوكرانيا، مما يوفر لها أسعارًا تنافسية ويساعدها على تلبية الطلب المحلي المتزايد. ووفقًا لتقارير حديثة، تمثل واردات النفط الروسي نسبة كبيرة من إجمالي واردات الهند من النفط.
ومع ذلك، تواجه الهند ضغوطًا من الولايات المتحدة لتقليل هذه الواردات، بهدف تقويض قدرة روسيا على تمويل العمليات العسكرية في أوكرانيا. وقد هددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الشركات الهندية التي تتعامل مع روسيا في قطاع الطاقة. في المقابل، تشدد الهند على حقها في تحديد مصادر الطاقة التي تلبي احتياجاتها، وعلى أهمية الحفاظ على علاقاتها التجارية المتوازنة.
العلاقات التجارية المتنامية
لا يقتصر التعاون بين الهند وروسيا على قطاع الطاقة فحسب، بل يشمل أيضًا مجالات أخرى مثل الدفاع والتبادل التجاري. وتعتبر روسيا من أكبر موردي الأسلحة للهند منذ عقود، وتسعى موسكو إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين ليصل إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030. وقد ناقش الزعيمان أيضًا تعزيز التعاون في مجالات التقنيات العالية والطيران والفضاء والذكاء الاصطناعي.
بالإضافة إلى ذلك، تهدف الهند وروسيا إلى تطوير مسارات دفع بديلة للدولار الأمريكي، لتسهيل التجارة الثنائية وتقليل الاعتماد على النظام المالي الغربي. وتشمل هذه المسارات استخدام العملات المحلية في المعاملات التجارية، وتطوير نظام دفع مستقل.
ردود الفعل والتحديات
أثارت زيارة بوتين إلى الهند ردود فعل متباينة على الصعيد الدولي. فقد أعربت بعض الدول الغربية عن قلقها إزاء استمرار التعاون بين الهند وروسيا في قطاع الطاقة، بينما رحبت دول أخرى بتنويع مصادر الطاقة الهندية.
وتواجه الهند تحديات في الموازنة بين مصالحها الاقتصادية وعلاقاتها الجيوسياسية. فمن ناحية، تحتاج الهند إلى تأمين إمدادات الطاقة المستقرة بأسعار معقولة، ومن ناحية أخرى، تسعى إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى.
وفي مقابلة مع قناة “إنديا توداي”، تحدى بوتين الضغوط الأمريكية على الهند، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة نفسها تشتري الوقود النووي الروسي. وأكد على حق الهند في اتخاذ قراراتها الخاصة بشأن مصادر الطاقة.
من جهته، أكد رئيس الوزراء مودي على موقف الهند الداعم للسلام، وعلى جهودها في حل النزاعات بالطرق الدبلوماسية. وشكر بوتين على اهتمامه وجهوده في هذا الصدد.
من المتوقع أن يعلن الجانبان عن مجموعة من الاتفاقيات الجديدة في نهاية المحادثات الرسمية، والتي ستشمل مجالات الطاقة والدفاع والتعاون التكنولوجي.
سيرافق الرئيس بوتين وفد رفيع المستوى من المسؤولين ورجال الأعمال الروس، مما يشير إلى جدية النوايا تجاه تعميق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
يبدو أن الهند ستستمر في التمسك بموقفها المستقل في التعامل مع روسيا، مع مراعاة مصالحها الاقتصادية وتحديات الساحة الدولية. إن مستقبل العلاقات الهندية الروسية و تأثيره على سوق الطاقة العالمي، لا يزال بحاجة إلى مراقبة دقيقة.













