كشفت دراسة حديثة أن استخدام دواء فالاسيكلوفير، وهو علاج شائع للعدوى بفيروس الهربس البسيط، قد يرتبط بتفاقم التدهور المعرفي لدى مرضى ألزهايمر في المراحل المبكرة. أجريت الأبحاث من قبل فريق دولي من العلماء، وأثارت تساؤلات حول تأثير الأدوية المضادة للفيروسات على مسار المرض العصبي التنكسي. وقد نشرت النتائج مؤخرًا في مجلة علمية مرموقة، مما أدى إلى نقاش واسع النطاق في الأوساط الطبية.
تأثير فالاسيكلوفير على مرض ألزهايمر: نتائج الدراسة
شملت الدراسة السريرية 120 مشاركًا تم تشخيصهم بمرض ألزهايمر المحتمل أو ضعف إدراكي طفيف، مع وجود علامات بيولوجية تشير إلى المرض. تم اختيار المشاركين بناءً على حملهم للأجسام المضادة لفيروس الهربس البسيط من النوع الأول أو الثاني. تم تقسيمهم عشوائيًا إلى مجموعتين: تلقت إحداهما 4 جرامات يوميًا من فالاسيكلوفير، بينما تلقت الأخرى دواءً وهميًا.
تم تقييم المشاركين باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي وفحوصات لمستويات بروتينات الأميلويد والتاو في الدماغ، وهي علامات مميزة لمرض ألزهايمر. أظهرت النتائج تدهورًا إدراكيًا عامًا في كلا المجموعتين، وهو أمر متوقع في هذه المرحلة من المرض. ومع ذلك، كان التدهور أكثر وضوحًا في المجموعة التي تلقت فالاسيكلوفير.
التدهور المعرفي والوظيفي
سجلت مجموعة فالاسيكلوفير زيادة قدرها 10.86 نقطة في مقياس التقييم المعرفي لمرض ألزهايمر، مقارنة بزيادة قدرها 6.92 نقطة في المجموعة التي تلقت الدواء الوهمي. يشير هذا إلى أن الدواء قد ساهم في تسريع التدهور المعرفي. في الوقت نفسه، انخفضت درجات الأداء الوظيفي اليومي في كلا المجموعتين، ولكن دون وجود فروق ذات دلالة إحصائية بينهما.
لم تظهر التحاليل أي اختلافات كبيرة بين المجموعتين في مستويات الأميلويد أو تاو أو علامات التنكس العصبي في الدماغ. وهذا يشير إلى أن تأثير فالاسيكلوفير قد لا يكون مرتبطًا بالتغيرات الأساسية في بيولوجيا مرض ألزهايمر، بل بآلية أخرى غير مفهومة حتى الآن. تعتبر هذه النقطة مهمة في فهم العلاقة المحتملة بين الأدوية المضادة للفيروسات والوظائف الإدراكية.
الآثار المترتبة والتوصيات
خلص الباحثون إلى أن فالاسيكلوفير لم يحسن الوظائف الإدراكية لدى مرضى ألزهايمر في المراحل المبكرة، بل ارتبط بتدهور أكبر. بناءً على هذه النتائج، يوصون بعدم استخدام الدواء في هذه الفئة من المرضى. يؤكدون على الحاجة إلى مزيد من البحث لفهم الآليات التي قد تفسر هذا التأثير السلبي.
تشير الدراسة أيضًا إلى أن طول مدة العلاج قد يلعب دورًا. فقد أظهر المرضى الذين تلقوا الدواء لمدة 78 أسبوعًا تراجعًا معرفيًا أكبر مقارنة بأولئك الذين تلقوا دواءً وهميًا. وهذا يسلط الضوء على أهمية مراقبة المرضى الذين يتلقون علاجًا طويل الأمد بفالاسيكلوفير.
من المهم الإشارة إلى أن فيروس الهربس البسيط هو عدوى فيروسية شائعة تسبب بثورًا مؤلمة حول الفم، وتظل كامنة في الجسم مدى الحياة. تتوفر أدوية مضادة للفيروسات مثل فالاسيكلوفير للسيطرة على الأعراض، ولكنها لا تقضي على الفيروس بشكل كامل. تعتبر هذه العدوى شائعة، ولكن العلاقة بينها وبين تطور ألزهايمر لا تزال قيد الدراسة.
الخطوات التالية والمستقبل
من المتوقع أن تشجع هذه النتائج على إجراء المزيد من الأبحاث حول تأثير الأدوية المضادة للفيروسات على مرض ألزهايمر. سيحتاج الباحثون إلى استكشاف الآليات البيولوجية المحتملة التي قد تفسر التدهور المعرفي المرتبط بفالاسيكلوفير. كما أنهم بحاجة إلى دراسة ما إذا كانت الأدوية المضادة للفيروسات الأخرى لها نفس التأثير. من المقرر إجراء مراجعة شاملة لهذه النتائج من قبل الهيئات التنظيمية الصحية بحلول نهاية عام 2026، وقد تؤدي إلى تغييرات في إرشادات العلاج.
بالإضافة إلى ذلك، من المهم مواصلة البحث عن علاجات جديدة وفعالة لمرض ألزهايمر، مع التركيز على استهداف العمليات المرضية الأساسية. تظل هذه مهمة معقدة، ولكن التقدم المستمر في فهمنا للمرض يوفر الأمل في المستقبل.













