Published On 14/11/2025
|
آخر تحديث: 17:47 (توقيت مكة)
يشهد العالم تحولات جيوسياسية متسارعة، وتراجعًا ملحوظًا في قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو ما يثير قلق المراقبين والمحللين. وفي هذا السياق، أكد رئيس وزراء تشاد السابق، ألبرت باهيمي باداكي، أن منطق القوة والمصالح يتغلب بشكل متزايد على الاعتبارات الأخلاقية، مما يهدد استقرار المجتمعات ويزيد من حالة عدم اليقين. هذه التطورات تتطلب فهمًا دقيقًا لمستقبل الوضع السياسي العالمي وتأثيراته المحتملة.
وأضاف باداكي، في مقال نشرته مجلة جون أفريك الفرنسية، أن القيم التي كانت تعتبر ذات يوم إنجازات لا رجعة فيها أصبحت الآن مهددة، وأن التعددية السياسية تتراجع لصالح النزعات الأحادية. ويشير هذا التحول إلى خطر متزايد على الحريات الأساسية وحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، خاصة في القارة الأفريقية.
لغة المصالح والتأثير على أفريقيا
ويرى باداكي أن التوافق الدولي أصبح نادرًا، حيث تركز الدول الكبرى على مصالحها الاقتصادية وأجنداتها الاستراتيجية الوطنية. وقد تجلى ذلك بشكل خاص في عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي، مما يعكس تحولًا في السياسة الخارجية الأمريكية نحو التركيز على المصالح الوطنية وتقليل الالتزام بالترويج للديمقراطية الليبرالية في الخارج.
وتشير التقارير إلى أن واشنطن قد تتغاضى عن انتهاكات حقوق الإنسان طالما أنها لا تؤثر بشكل مباشر على مصالحها، مما يشجع على ظهور نماذج جديدة من العلاقات الدولية القائمة على المعاملات. هذا الواقع الجديد يعزز الأنظمة الاستبدادية التي تجد في هذه الشراكات غير المشروطة بديلاً مناسباً للمطالب الأخلاقية التي كان الغرب يفرضها في الماضي.
وفي المقابل، يرى باداكي أن الدفاع عن الحقوق والديمقراطية يقتصر الآن على البيانات الرسمية التي تصدر في أعقاب الأزمات في أوكرانيا، والشرق الأوسط، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ. هذه البيانات غالبًا ما تكون رمزية ولا تترجم إلى إجراءات فعلية على الأرض.
التحديات التي تواجه الشباب الأفريقي
ويشير باداكي إلى أن الشباب الأفريقي، الذين يشكلون غالبية السكان ويتواصلون بشكل كبير من خلال الإنترنت، يعانون من حالة من الإحباط واليأس. فهم يتأرجحون بين الغضب والاستسلام، وضائعين بين الخطابات القومية ونظريات المؤامرة ورغبتهم العميقة في الحرية والديمقراطية. إن هذا الجيل يواجه تحديًا كبيرًا في إيجاد طريقه في عالم يتسم بالتقلب وعدم اليقين.
ويتساءل باداكي عن مستقبل أفريقيا، مؤكدًا أن القارة السمراء معلقة بين الطموحات المشروعة نحو الحرية والعودة الفعلية إلى الأنظمة الاستبدادية. ويشدد على أنه يجب على الأفارقة أن يدركوا أن المجتمع الدولي لن يحررهم من الأنظمة القمعية، وأن القوى العظمى لن تفرض الديمقراطية عليهم. فالتحرر الحقيقي يكمن في التزام الشباب الواعي الذي يمكنه إنقاذ الديمقراطية المهددة في القارة.
دور المجتمع المدني في تعزيز الديمقراطية
يؤكد المراقبون أهمية دور المجتمع المدني في تعزيز الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان في أفريقيا. يجب على المنظمات غير الحكومية والناشطين أن يعملوا على رفع مستوى الوعي السياسي وتشجيع المشاركة المدنية والضغط على الحكومات لتبني إصلاحات ديمقراطية حقيقية.
بالإضافة إلى ذلك، يلعب التعليم دورًا حاسمًا في بناء جيل جديد من القادة الذين يتمتعون بالقيم الديمقراطية والالتزام بحقوق الإنسان. الاستثمار في التعليم وتمكين الشباب هما مفتاح تحقيق مستقبل ديمقراطي ومزدهر لأفريقيا.
الخلاصة: مستقبل مبهم يتطلب يقظة
في الختام، فإن الوضع السياسي العالمي يشهد تحولات عميقة تثير قلقًا بالغًا بشأن مستقبل الديمقراطية وحقوق الإنسان. وفي أفريقيا على وجه الخصوص، يواجه الشباب تحديات هائلة في ظل عودة الأنظمة الاستبدادية وتراجع الدور الدولي في دعم الديمقراطية. من المتوقع أن يستمر هذا الوضع في التدهور ما لم يتخذ الشباب الأفريقي زمام المبادرة ويطالب بالتغيير. يتوقع مراقبون صدور تقرير مفصل من الأمم المتحدة في الربع الأول من عام 2026 حول حالة الديمقراطية في أفريقيا، وهو ما قد يسلط الضوء على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة.













