قرر مجلس الوزراء الجزائري برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، يوم الأحد، رفع قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد، في خطوة تهدف إلى تحسين القدرة الشرائية للمواطنين ومواجهة تزايد تكاليف المعيشة. وستدخل هذه الزيادة حيز التنفيذ في شهر يناير/كانون الثاني القادم، مما يؤثر بشكل مباشر على ملايين العاملين في القطاعين العام والخاص.
جاء هذا القرار خلال اجتماع لمجلس الوزراء ناقش عدداً من القضايا الاقتصادية والاجتماعية الهامة، بالإضافة إلى مراجعة الوضع المالي للبلاد في ظل التقلبات العالمية لأسعار النفط. ووفقاً لبيان صادر عن الرئاسة، فإن هذه الإجراءات تأتي في إطار التزام الحكومة بتوفير حياة كريمة للمواطنين وتعزيز العدالة الاجتماعية.
زيادة في الحد الأدنى للأجور ومنحة البطالة
أعلن التلفزيون الجزائري الرسمي أن قيمة الحد الأدنى للأجور سترتفع من 20 ألف دينار جزائري (حوالي 155 دولارًا أمريكيًا) إلى 24 ألف دينار جزائري (حوالي 185 دولارًا أمريكيًا). هذه الزيادة تمثل ارتفاعًا بنسبة 20%، وهي تعتبر الأكبر من نوعها في البلاد منذ عدة عقود، حسبما صرح به مسؤولون حكوميون.
بالإضافة إلى ذلك، قرر الرئيس تبون رفع قيمة منحة البطالة، والتي يستفيد منها أكثر من مليوني عاطل عن العمل، من 15 ألف دينار إلى 18 ألف دينار. ويهدف هذا الإجراء إلى توفير دعم مالي إضافي للشباب الباحث عن فرص عمل ولمساعدة الأسر المتضررة من البطالة.
تعديلات على نظام منحة البطالة
أكد الرئيس تبون على ضرورة مراجعة الشروط المتعلقة بتجديد ملفات الاستفادة من منحة البطالة. وبحسب مصادر رسمية، فقد تم تحديد مدة صلاحية ملف منحة البطالة بسنة واحدة كحد أدنى قابلة للتجديد، وذلك لتسهيل الإجراءات على المستفيدين وتقليل الأعباء الإدارية.
وتأتي هذه التعديلات استجابةً لمطالب العديد من المواطنين الذين كانوا يعانون من صعوبة تجديد ملفاتهم بشكل دوري كل ستة أشهر.
أسباب الزيادات وتأثيرها على الاقتصاد
تأتي هذه القرارات في وقت يشهد فيه الاقتصاد الجزائري تحديات كبيرة، أبرزها انخفاض الإيرادات النفطية. وقد أدى تراجع أسعار النفط في الأسواق الدولية إلى ضغوط على الميزانية العامة للبلاد وتقليل قدرتها على الإنفاق على المشاريع التنموية والبرامج الاجتماعية.
وتشكل الإيرادات النفطية أكثر من 90% من إجمالي صادرات الجزائر ومواردها من العملة الصعبة. لذلك، تسعى الحكومة إلى تنويع مصادر الدخل من خلال تطوير قطاعات أخرى مثل المناجم والفوسفات، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار في المشاريع الناشئة والصغيرة والمتوسطة.
وتتوقع موازنة الجزائر للعام 2026 إنفاقًا تاريخيًا يقدر بنحو 135 مليار دولار، مع عجز متوقع يبلغ حوالي 54%. وستواجه الحكومة تحديًا كبيرًا في تمويل هذا الإنفاق في ظل تراجع الإيرادات النفطية.
بالرغم من هذه التحديات، يأمل المسؤولون الجزائريون أن تساهم مشاريع منجم غار جبيلات للحديد ومنجم بلاد الحدبة للفوسفات في زيادة الإيرادات الحكومية وتنويع مصادر الدخل.
وتعتبر الزيادة في الحد الأدنى للأجور خطوة مهمة نحو تحسين مستوى معيشة الطبقات العاملة، ولكنها قد تؤدي أيضًا إلى زيادة التضخم وارتفاع تكاليف الإنتاج، وهو ما يتطلب اتخاذ تدابير احترازية للحد من هذه الآثار السلبية.
كما أن رفع منحة البطالة من شأنه أن يخفف من معاناة العاطلين عن العمل ويوفر لهم دخلًا إضافيًا لمواجهة ظروف الحياة الصعبة.
نظرة مستقبلية
أشار الرئيس تبون إلى أهمية دراسة مقترحات رفع معاشات المتقاعدين خلال اجتماع مجلس الوزراء القادم. هذه الخطوة تأتي في إطار الاهتمام الذي توليه الحكومة بكبار السن وتوفير حياة كريمة لهم بعد انتهاء خدمتهم. وتعتمد إمكانية تنفيذ هذه المقترحات على الوضع المالي للبلاد وتوفر الموارد اللازمة.
يُتوقع أن تستمر الحكومة الجزائرية في اتخاذ المزيد من الإجراءات لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين ومواجهة التحديات التي تواجه البلاد، مع التركيز على تنويع مصادر الدخل وتشجيع الاستثمار في القطاعات غير النفطية. وستظل التطورات في أسعار النفط العالمية عاملاً رئيسيًا يؤثر على الاقتصاد الجزائري وميزانيته العامة.













