اتهمت روسيا أوكرانيا بشن هجوم بطائرات مسيرة على منطقة نوفغورود، بالقرب من فالداي، حيث يقع أحد مقرات إقامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقد أثارت هذه الاتهامات، التي تنفيها أوكرانيا بشدة، تساؤلات حول مستقبل المفاوضات الجارية لإنهاء الأزمة الأوكرانية، وتحديداً مع الولايات المتحدة. وتأتي هذه الأحداث في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتصريحات متبادلة بين الطرفين.
أعلنت موسكو أن الهجوم، الذي وقع في ليلة 30 ديسمبر 2025، “لن يمر دون رد”، مشيرةً إلى احتمال اتخاذ إجراءات انتقامية. ووفقًا للكرملين، تم اعتراض جميع الطائرات المسيّرة، ولم يتم تقديم أي تفاصيل إضافية حول الأضرار أو الإصابات، مع الإشارة إلى أن وزارة الدفاع هي الجهة المسؤولة عن التحقيق في الحادث.
هجوم بطائرات مسيرة: ردود فعل متباينة واتهامات متبادلة
في المقابل، نفى وزير الخارجية الأوكراني، أندريه سيبيغا، صحة هذه الاتهامات، مؤكدًا عدم وجود أي دليل ملموس يدعمها. واعتبرت كييف أن هذه الادعاءات هي محاولة من موسكو لتقويض الجهود الدبلوماسية الأخيرة، وتحديداً بعد لقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فلوريدا.
وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، صرّح بأن الهجوم تم باستخدام 91 طائرة مسيرة، وأنه استهدف مقر إقامة الرئيس بوتين. وأضاف أن الهجوم تزامن مع مفاوضات مكثفة بين روسيا والولايات المتحدة حول تسوية النزاع الأوكراني، وهدد بردود انتقامية.
شكوك حول مصداقية الادعاءات الروسية
أعرب خبراء ومحللون عن شكوكهم حول صحة الادعاءات الروسية. وأشارت صحيفة “لو باريزيان” الفرنسية إلى صعوبة التحقق من هذه المعلومات، معتبرةً أن استهداف مقر إقامة بوتين قد يؤدي إلى غضب دولي، وهو أمر لا ترغب فيه الولايات المتحدة وأوروبا في الوقت الحالي.
ورجّح البعض أن بعض الطائرات المسيّرة قد تكون أسقطت فوق منطقة نوفغورود دون أن تكون موجهة نحو فالداي، وأن موسكو قد تكون استغلت الحادث في حملة دعائية. وتشير التقارير إلى أن هذه الاتهامات تلقي بظلال من الشك على استمرار المفاوضات الجارية.
أفاد مستشار الكرملين، يوري أوتشاكوف، بأن الرئيس بوتين أبلغ الرئيس ترامب خلال مكالمة هاتفية أن موقف روسيا بشأن “عدد من الاتفاقات السابقة” والحلول المقترحة سيتم “إعادة النظر فيه” في ضوء الهجوم المزعوم.
من جانبه، علّق الرئيس ترامب على الحادث من فلوريدا، قائلاً إنه تلقى معلومات من الرئيس بوتين حول تعرضه لهجوم. وأضاف أن هذا التطور “ليس جيدًا”، مشيرًا إلى أن هذه “فترة دقيقة”.
تطورات ميدانية مرتبطة بالصراع
على الصعيد الميداني، أمرت السلطات في منطقة تشيرنيغيف بشمال أوكرانيا بإخلاء 14 قرية حدودية قريبة من بيلاروس، وذلك بسبب القصف الروسي المستمر. وأكد رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية، فياتشيسلاف تشاوش، أن هذه القرى تتعرض للقصف بشكل يومي، وأن الإخلاء يهدف إلى حماية السكان المدنيين.
يأتي هذا الإخلاء في سياق تصاعد الاشتباكات في المنطقة الحدودية، ويزيد من المخاوف بشأن الوضع الإنساني للسكان المحليين. وتشهد المنطقة حركة نزوح متزايدة، حيث يسعى السكان إلى البحث عن ملاذ آمن بعيدًا عن خطوط القتال.
مفاوضات متوقفة؟
تعتبر هذه الاتهامات المتبادلة والتوترات المتصاعدة عقبة أمام استئناف المفاوضات الجادة بين روسيا وأوكرانيا. ويبدو أن كلا الطرفين يتبنى موقفًا متصلبًا، مما يجعل التوصل إلى حل سلمي أمرًا صعبًا.
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من التصريحات المتبادلة والتحركات الدبلوماسية، في محاولة لتهدئة التوترات وإيجاد أرضية مشتركة للحوار. ومع ذلك، يبقى مستقبل المفاوضات غير واضح، ويتوقف على مدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات.
في الختام، تظل الأزمة الأوكرانية معقدة ومليئة بالتحديات. ومن المقرر أن تعقد الأمم المتحدة اجتماعًا طارئًا لمناقشة هذه التطورات، في محاولة لتقييم الوضع وتقديم المساعدة الإنسانية اللازمة. وسيكون من المهم مراقبة ردود الفعل الدولية، وتحديد ما إذا كانت ستؤدي إلى ضغوط إضافية على الطرفين للعودة إلى طاولة المفاوضات.












