أكد الأدميرال ألكسندر مويسييف، قائد البحرية الروسية، أن قوات بلاده النووية الإستراتيجية في حالة جاهزية قتالية كاملة بنسبة 100%. جاء هذا التصريح في ظل تصاعد التوترات في منطقة القطب الشمالي، حيث تتهم روسيا الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) بتعزيز وجودهما العسكري استعدادًا لمواجهة محتملة. وتعتبر هذه التطورات جزءًا من صراع متزايد على الموارد والنفوذ في المنطقة.
أدلى مويسييف بهذه التصريحات خلال منتدى دولي في سان بطرسبورغ، مُشيرًا إلى أن الوضع في القطب الشمالي يظل معقدًا، وأن المنطقة تُنظر إليها بشكل متزايد على أنها مسرح عمليات عسكرية مستقبلية. ووفقًا لتصريحاته، فإن التحديثات الأخيرة في استراتيجيات الناتو الخاصة بالقطب الشمالي تستهدف بشكل واضح المصالح الروسية.
تزايد التوترات العسكرية في القطب الشمالي
أشار مويسييف إلى أن الدول الغربية تزيد من انتشارها العسكري في القطب الشمالي، وتسعى إلى تعطيل الأنشطة الاقتصادية الروسية في المنطقة. ويشمل ذلك جهودًا لتقويض مشاريع الطاقة الروسية ومساعيها لاستغلال الموارد الطبيعية في المحيط المتجمد الشمالي. وتعتبر روسيا أن هذه الجهود تمثل انتهاكًا لسيادتها وحقوقها في المنطقة.
وأضاف أن المنافسة المتزايدة على الوصول إلى موارد القطب الشمالي، بالإضافة إلى السيطرة على طرق الملاحة البحرية والجوية الحيوية، تزيد من احتمالات نشوب صراعات. وتشمل هذه الموارد النفط والغاز والمعادن النادرة، والتي تكتسب أهمية استراتيجية متزايدة.
التركيز على الاستخبارات والتكنولوجيا العسكرية
وبحسب قائد البحرية الروسية، فإن العوامل الرئيسية التي تؤثر على الوضع تشمل زيادة الوجود العسكري الأجنبي، ومحاولات الغرب لعرقلة الأنشطة الاقتصادية الروسية، ورفض الاعتراف بالسيادة الروسية على طريق البحر الشمالي. كما أشار إلى أن استراتيجيات الناتو المحدثة تركز بشكل واضح على مواجهة روسيا في المنطقة.
وأضاف مويسييف أن الدول الغربية تولي اهتمامًا خاصًا بتطوير قدراتها في مجال كسر الجليد، سواء من خلال بناء سفن جديدة أو تحديث السفن القائمة. بالإضافة إلى ذلك، هناك تركيز متزايد على استخدام الطائرات بدون طيار (الدرونز) لأغراض عسكرية واستطلاعية. وتعتبر هذه التكنولوجيا ذات أهمية خاصة في بيئة القطب الشمالي الصعبة.
كما أكد مويسييف أن دول الناتو كثفت أنشطتها الاستخباراتية في القطب الشمالي، مستخدمةً الطائرات والغواصات لجمع المعلومات. وذكر على وجه الخصوص قاعدة كيفلافيك الجوية في أيسلندا، والتي تستضيف طائرات دورية بحرية تابعة لكندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
الخلافات حول الممرات المائية والسيادة
تأتي هذه التصريحات في سياق خلافات أوسع حول السيادة على الموارد والممرات المائية في القطب الشمالي. تطالب روسيا بحقوق واسعة في المنطقة، بناءً على موقعها الجغرافي وتاريخها الطويل في استكشافها واستغلالها. في المقابل، تتنازع دول أخرى، مثل كندا والدنمارك والنرويج، على أجزاء من القطب الشمالي وتعتبر أن القانون الدولي لا يدعم المطالبات الروسية الواسعة.
تعتبر روسيا طريق البحر الشمالي، الذي يمتد على طول الساحل الشمالي لروسيا، ممرًا مائيًا دوليًا، بينما ترى بعض الدول الأخرى أنه يقع ضمن المياه الإقليمية الروسية. هذا الخلاف له تداعيات كبيرة على حرية الملاحة والتجارة في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، هناك قلق متزايد بشأن التداعيات البيئية للأنشطة العسكرية والاستكشافية في القطب الشمالي.
في السنوات الأخيرة، شهد القطب الشمالي ارتفاعًا في درجات الحرارة بوتيرة أسرع من أي مكان آخر في العالم، مما أدى إلى ذوبان الجليد البحري وتسهيل الوصول إلى المنطقة. وقد أثار هذا التطور اهتمامًا متزايدًا من قبل الدول والشركات الخاصة، مما زاد من حدة المنافسة والتوترات في المنطقة. وتشير التقديرات إلى أن القطب الشمالي قد يحتوي على ما يصل إلى 30% من احتياطيات النفط والغاز غير المكتشفة في العالم.
من المتوقع أن يستمر التوتر في القطب الشمالي في التصاعد في المستقبل القريب، مع استمرار الدول الغربية في تعزيز وجودها العسكري ومواصلة روسيا تطوير قدراتها في المنطقة. وستراقب الدول المعنية عن كثب التطورات في المنطقة، وستسعى إلى إيجاد حلول دبلوماسية لتجنب نشوب صراعات. ومن المرجح أن يتم التركيز على قضايا مثل حرية الملاحة، وحماية البيئة، وتقاسم الموارد، في المفاوضات المستقبلية. من المنتظر أن يصدر تقرير جديد من وزارة الدفاع الروسية في الربع الأول من عام 2026 يقدم تقييمًا مفصلاً للوضع في القطب الشمالي.













