أطلقت منصة ريديت (Reddit) تحديًا قانونيًا ضد قانون أسترالي جديد يهدف إلى حماية الأطفال عبر الإنترنت. القانون، الذي دخل حيز التنفيذ في منتصف ديسمبر 2025، يحظر على الأفراد دون سن 16 عامًا امتلاك حسابات خاصة على العديد من منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية، بما في ذلك ريديت. وتعتبر هذه الخطوة تصعيدًا في الجدل الدائر حول تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الشباب.
يأتي هذا التحدي بعد أيام قليلة من تطبيق القانون الذي يستهدف منصات مثل فيسبوك، وإنستغرام، وتيك توك، وسناب شات، ويوتيوب بالإضافة إلى ريديت. ويهدف القانون إلى تقليل تعرض الأطفال للمحتوى الضار والتنمر عبر الإنترنت، ولكنه أثار جدلاً حول حرية التعبير والخصوصية.
تحدي ريديت القانوني: حرية التعبير والخصوصية في خطر؟
تستند دعوى ريديت المقدمة إلى المحكمة العليا الأسترالية إلى أن القانون ينتهك حرية التعبير السياسي للمستخدمين الشباب، ويشكل خطرًا على خصوصيتهم. وتجادل الشركة بأنها لا تستهدف الأطفال في المقام الأول، وأن غالبية مستخدميها بالغون.
وفقًا لريديت، فإن تطبيق القانون عليها غير دقيق، حيث أنها تفتقر إلى الميزات التي تجذب الأطفال بشكل خاص، على عكس بعض المنصات الأخرى. كما أشارت إلى أنها كانت تطبق بالفعل تصنيفًا عمريًا “+17” في متجر تطبيقات آبل قبل سن القانون.
التزامات الامتثال والغرامات المحتملة
يتطلب القانون من الشركات المتأثرة تنفيذ تدابير للتحقق من أعمار المستخدمين خلال عام واحد. ووفقًا للتقارير، قد تصل الغرامات على عدم الامتثال إلى 49.5 مليون دولار أسترالي (حوالي 33 مليون دولار أمريكي). هذه العقوبات المالية الكبيرة تزيد من الضغط على الشركات للامتثال للقانون.
في المقابل، انتقد وزير الصحة الأسترالي، مارك بتلر، رد فعل ريديت، واتهمها بتفضيل الأرباح على سلامة المستخدمين الشباب. وأكد أن الحكومة ستدافع بقوة عن القانون في المحكمة.
ردود الفعل والتداعيات المحتملة
يثير هذا التحدي القانوني أسئلة مهمة حول الموازنة بين حماية الأطفال وحقوقهم في حرية التعبير والوصول إلى المعلومات. ويرى بعض الخبراء أن القانون قد يكون له تأثير سلبي على قدرة الشباب على المشاركة في النقاشات السياسية والاجتماعية عبر الإنترنت.
بالإضافة إلى ذلك، يثير القانون مخاوف بشأن كيفية التحقق من أعمار المستخدمين عبر الإنترنت، وما إذا كانت هذه التدابير ستكون فعالة في منع الوصول إلى المحتوى الضار. تعتبر منصات التواصل الاجتماعي الأخرى المتأثرة بالقانون بصدد دراسة خياراتها المتعلقة بالامتثال، وقد تتبع ريديت في تقديم تحديات قانونية.
تأتي هذه الخطوة في سياق عالمي متزايد من التدقيق في ممارسات شركات التكنولوجيا وتأثيرها على المجتمع. تشهد العديد من الدول نقاشات مماثلة حول كيفية تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي لحماية المستخدمين، وخاصة الشباب. تعتبر قضية حماية الأطفال على الإنترنت من القضايا الرئيسية التي تواجه الحكومات وشركات التكنولوجيا على حد سواء.
من الجانب الآخر، يرى البعض أن القانون يمثل خطوة ضرورية لحماية الشباب من المخاطر المتزايدة عبر الإنترنت، مثل التنمر الإلكتروني والمحتوى غير اللائق. ويؤكدون على أن الشركات لديها مسؤولية أخلاقية وقانونية لضمان سلامة مستخدميها.
من المتوقع أن تستمر المعركة القانونية بين ريديت والحكومة الأسترالية لعدة أشهر. وستراقب الصناعة عن كثب تطورات القضية، حيث يمكن أن يكون لها تداعيات كبيرة على مستقبل تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي في أستراليا وخارجها. الخطوة التالية ستكون رد الحكومة الأسترالية على الدعوى القضائية، ومن ثم تحديد موعد للجلسة الأولى في المحكمة العليا.













