أدانت أوكرانيا بشدة الهجوم الروسي الواسع النطاق على كييف، والذي يأتي في وقت حرج قبيل لقاء مرتقب بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وتعتبر كييف أن هذا التصعيد يؤكد عدم رغبة موسكو في إنهاء الحرب في أوكرانيا، ويقوض الجهود الدبلوماسية الجارية. الهجوم، الذي استهدف البنية التحتية الحيوية، أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي والتدفئة عن مئات الآلاف من المدنيين.
وقع الهجوم يوم السبت، حيث أطلقت روسيا مئات الطائرات المسيّرة والصواريخ على العاصمة الأوكرانية ومناطق أخرى. أعلنت السلطات الأوكرانية عن مقتل شخص واحد وإصابة العشرات، بالإضافة إلى أضرار واسعة النطاق في المباني السكنية ومحطات الطاقة. وقد أثار هذا الهجوم تساؤلات حول التوقيت المتعمد لإرسال رسالة قبل محادثات زيلينسكي وترامب.
تصعيد روسي قبيل محادثات ترامب وزيلينسكي حول الحرب في أوكرانيا
يأتي هذا الهجوم في خضم جهود دبلوماسية مكثفة تهدف إلى إيجاد حل للصراع المستمر منذ عام 2022. وتركز هذه الجهود حاليًا على خطة سلام أمريكية، والتي تهدف إلى تجميد خطوط القتال الحالية، على الرغم من الانتقادات المتبادلة من كلا الجانبين. وتشمل القضايا الرئيسية المتنازع عليها مستقبل منطقة دونباس ومحطة زابوريجيا النووية.
أعرب زيلينسكي عن إدانته الشديدة للهجوم، واصفًا إياه بأنه محاولة روسية لزيادة معاناة الشعب الأوكراني والضغط على المجتمع الدولي. وأضاف أن الهجوم يظهر أن روسيا لا تسعى إلى السلام الحقيقي، بل إلى فرض شروطها بالقوة. ودعا الرئيس الأوكراني الولايات المتحدة وأوروبا إلى اتخاذ خطوات أكثر صرامة للضغط على موسكو.
تداعيات الهجوم تتجاوز الحدود الأوكرانية
لم تقتصر تداعيات الهجوم على الأراضي الأوكرانية فحسب، بل امتدت أيضًا إلى دول مجاورة. فقد أعلنت بولندا عن إغلاق مطاري رشوف ولوبلين مؤقتًا بعد إطلاق مقاتلاتها ردًا على الاشتباه في عبور أهداف جوية من الأراضي الأوكرانية. يعكس هذا التطور المخاوف المتزايدة بشأن احتمال تصعيد أوسع نطاقًا للصراع.
أفادت شركة الكهرباء الحكومية الأوكرانية “أوكرينيرغو” بأن الهجمات أدت إلى أضرار كبيرة في منشآت الطاقة في جميع أنحاء البلاد، مما تسبب في انقطاعات واسعة النطاق للكهرباء. وقالت السلطات إن حوالي ثلث سكان كييف فقدوا التدفئة في ظل درجات حرارة متجمدة، وأن أكثر من 320 ألف أسرة في منطقة كييف المحيطة بالعاصمة انقطعت عنها الكهرباء. هذه الانقطاعات تؤثر بشكل كبير على حياة المدنيين وتزيد من التحديات الإنسانية.
محادثات حاسمة في فلوريدا: آفاق إنهاء الصراع
من المقرر أن يلتقي الرئيس زيلينسكي بالرئيس ترامب في فلوريدا يوم الأحد لمناقشة سبل إنهاء الحرب. وتأتي هذه المحادثات في ظل تباين في وجهات النظر حول كيفية التعامل مع الصراع، حيث يضغط ترامب على كلا الطرفين للتوصل إلى اتفاق سريع. وتشمل القضايا المطروحة على بساط البحث الضمانات الأمنية الغربية لأوكرانيا ومستقبل الأراضي المتنازع عليها.
تعتبر هذه المحادثات فرصة حاسمة لتقييم مدى إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية. ومع ذلك، لا تزال العقبات كبيرة، حيث تصر موسكو على الاحتفاظ بالسيطرة على المناطق الأوكرانية التي احتلتها، بينما ترفض كييف أي تنازل عن أراضيها. الخطة الأمريكية للسلام، والتي تتضمن تجميد خطوط القتال، لا تزال موضع جدل.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يجري زيلينسكي محادثات هاتفية مع قادة أوروبيين قبل لقائه مع ترامب، بهدف تنسيق المواقف وضمان الدعم المستمر لأوكرانيا. وتشمل القضايا التي ستتم مناقشتها تقديم المزيد من المساعدات العسكرية والمالية لأوكرانيا، وتشديد العقوبات على روسيا. الأزمة الأوكرانية تتطلب جهودًا دولية متضافرة.
من المقرر أن تستمر الجهود الدبلوماسية في الأيام والأسابيع المقبلة، مع التركيز على إيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف المتنازعة. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود ستؤدي إلى نتيجة ملموسة. سيكون من المهم مراقبة تطورات الوضع على الأرض، وردود أفعال الأطراف المعنية، ومواقف القوى الكبرى. المستقبل السياسي لأوكرانيا لا يزال غامضًا.













