بقلم: يورونيوز
نشرت في
اعلان
أقال رئيس الوزراء البريطاني كيير ستارمر، مساء الخميس، اللورد بيتر ماندلسون من منصبه كسفير للمملكة المتحدة لدى الولايات المتحدة، بعد الكشف عن مراسلات إلكترونية تُظهر دفاعه عن المُدان جيفري إبستين، المتورط في قضايا استغلال جنسي للأطفال.
وجاء القرار بعد أن أبلغ وزير الدولة لشؤون الخارجية، ستيفن دوغتي، أعضاء البرلمان أن ماندلسون لم يُفصح، عند تعيينه، عن “مدى وعمق” علاقته بإبستين، الذي أُدين عام 2008 بتهمة التحريض على طفل لممارسة الدعارة.
وأوضح دوغتي أن مكتب رئيس الوزراء “لم يكن على علم” بوجود رسائل إلكترونية أرسلها ماندلسون لإبستين، يُلمّح فيها إلى أن إدانته كانت “خاطئة” وينبغي الطعن فيها.
بيان رسمي: “علاقة أعمق مما أُبلغ عنه”
وفي بيان رسمي، قال متحدث باسم وزارة الخارجية: “في ضوء المعلومات الإضافية الواردة في رسائل كتبها بيتر ماندلسون، طلب رئيس الوزراء من وزير الخارجية سحب تعيينه كسفير”.
وأضاف: “تبين أن عمق ومدى علاقة ماندلسون بإبستين يختلف جوهرياً عما كان معروفاً وقت تعيينه. وخصوصاً، فإن اقتراحه بأن إدانة إبستين الأولى كانت خاطئة ويجب الطعن فيها يُعدّ معلومة جديدة لم تُكشف سابقاً”.
وتابع البيان: “وبناءً على ذلك، ومع مراعاة ضحايا جرائم إبستين، تم سحبه من منصبه كسفير فوراً”.
الوزراء يُعبّرون عن صدمتهم.. والقرار يُتخذ بعد مراجعة ليلية
قبل الإعلان الرسمي، صرّح وزير الصحة ويس ستريتينغ، خلال حدث عام، بأنه “منزعج تماماً” من محتوى الرسائل التي أرسلها ماندلسون لإبستين، مضيفاً أن قرار مستقبله “يعود لرئيس الوزراء”.
وأفادت مصادر حكومية أن ستارمر اتخذ قرار الإقالة صباح الخميس، خلال اجتماعه مع وزيرة الخارجية يفيت كوبر، بعد مراجعته ليلة الأربعاء لوثائق جديدة تُظهر دفاع ماندلسون عن إبستين.
وتشير المصادر إلى أن ماندلسون لم يكن على علم بوجود نسخ من تلك الرسائل — المؤرخة عام 2008 — حتى لحظة تسريبها، لأنها أُرسلت من حساب إلكتروني كان قد حذفه منذ سنوات.
رسائل 2008: “عليك أن تناضل من أجل الإفراج المبكر”
من بين الرسائل التي كُشف عنها، رسالة مؤرخة يونيو 2008، لم يُنكرها المتحدث باسمه، كتب فيها ماندلسون لإبستين: “أنا أُقدّرك كثيراً وأشعر بالعجز والغضب الشديد مما حدث. لا أزال بالكاد أفهمه. هذا لم يكن ليحدث في بريطانيا. عليك أن تكون شديد المرونة، وأن تناضل من أجل الإفراج المبكر، وأن تكون فلسفياً بقدر الإمكان تجاه الأمر”. وأضاف: “يمكن تحويل كل شيء إلى فرصة، وستتجاوز هذا وتصبح أقوى بسببه”.
وكانت صحيفة “صن” البريطانية أول من نشر مقتطفات من هذه الرسائل، بعد تداولها في أروقة واشنطن، وذلك بعد ساعات فقط من اعتراف ماندلسون يوم الثلاثاء بأن “تفاصيل محرجة جداً” أخرى عن علاقته بإبستين من المرجح أن تظهر، مع تأكيده أنه “لم يشهد قط أي فعل خاطئ”.
علاقة عادت للواجهة
عادت علاقة الرجلين إلى الواجهة مجدداً هذا الأسبوع، بعد أن نشر أعضاء ديمقراطيون في لجنة الرقابة بمجلس النواب الأمريكي ما عُرف بـ”كتاب عيد ميلاد إبستين الخمسين”، حيث ظهرت ملاحظة خطية كتبها ماندلسون وصف فيها إبستين بـ”صديقي المفضل”.
ويأتي القرار في وقت حساس، إذ تستعد الحكومة البريطانية لاستقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في زيارة رسمية، بينما يواجه ترامب بدوره أسئلة حول علاقته بإبستين.
وسيتولى جيمس روسكو، نائب رئيس البعثة البريطانية في واشنطن، مهام السفير بالنيابة، بما في ذلك الإشراف على ترتيبات الزيارة الرسمية.
وكان من بين المرشحين السابقين لمنصب السفير لدى واشنطن كل من ديفيد ميليباند، وزير الخارجية الأسبق في حزب العمال، وكاثي أشتون، المفوضة الأوروبية السابقة. كما يُنظر إلى كارين بيرس، التي شغلت المنصب قبل ماندلسون، كمرشحة محتملة للعودة إليه.
وكان تعيين ماندلسون أثار جدلاً من الأساس، إذ كان معروفاً أنه استمر في التواصل مع إبستين بعد إدانته عام 2008. والآن، يُتوقع أن يواجه ستارمر أسئلة برلمانية حادة حول دقة عملية التعيين والتدقيق الأمني.
فقد دعا إد ديفي، زعيم حزب الديمقراطيين الليبراليين، رئيس الوزراء إلى الحضور أمام البرلمان لتوضيح “ما الذي كان يعرفه ومتى عرفه”.
المعارضة تهاجم: “ستارمر يفتقر إلى الحزم والمبادئ”
من جهتها، قالت كيمي بادينوش، زعيمة حزب المحافظين: “ربما رحل ماندلسون، لكن كما حدث مع أنجيلا رينر، تردد ستارمر حينما كان يحتاج إلى الحزم. مراراً وتكراراً يضع الحزب فوق الوطن. ليس لديه عمود فقري ولا مبادئ”.
وقال ستيفن فلين، زعيم حزب الاستقلال الأسكتلندي (SNP) في البرلمان البريطاني: “حكم ستارمر وسمعته وسلطته أصبحت الآن على المحك”.
وأعرب عدد من نواب حزب العمال عن غضبهم من هذا التطور، خاصة في الأسبوع التالي لاستقالة نائب رئيس الوزراء أنجيلا رينر على خلفية قضايا ضريبية.
لكن هارييت هارمان، نائب زعيم حزب العمال السابق، وجهت اللوم مباشرةً إلى ماندلسون، واصفةً ترشحه للمنصب بأنه “مخجل”، وقالت: “كان عليه أن يعلم أن هناك رسائل كُتبت، وأن المزيد سيُكشف عن طبيعة صداقتهما”.
وكان ستارمر قد دافع عن ماندلسون علناً يوم الأربعاء خلال جلسة أسئلة رئيس الوزراء، مؤكداً أن السفير خضع لـ”فحص أمني كامل”. لكنه تراجع تحت ضغط متزايد بعد الكشف عن محتوى الرسائل، لا سيما تلك التي نصح فيها ماندلسون إبستين — أثناء سجنه عام 2008 — بالكفاح من أجل “الإفراج المبكر”.