تختبر شركة “أوبن إيه آي” حاليًا إمكانية دمج الإعلانات مباشرةً داخل واجهة برنامج الدردشة الشهير “شات جي بي تي”، في خطوة قد تُحدث تحولًا كبيرًا في نموذج الإيرادات الرقمي. ويهدف هذا التحول إلى استكشاف طرق جديدة لتحقيق الربح من خلال الاستفادة من قاعدة المستخدمين الضخمة للبرنامج، مع التركيز على التأثير على قرارات الشراء.
إعلانات “شات جي بي تي”: هل نشهد ثورة في التسويق الرقمي؟
كشف تحليل حديث لتطبيق “شات جي بي تي” على نظام أندرويد عن وجود تعليمات برمجية تشير إلى تطوير ميزة الإعلانات. ووفقًا للمحلل تيبور بلاهو، الذي نشر نتائج تحليله على منصة “إكس”، فإن التطبيق يتضمن إعدادات لعرض الإعلانات بأربعة أشكال مختلفة، بما في ذلك “محتوى بازار” و “إعلانات البحث” و “دوران إعلانات البحث”.
تأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه “أوبن إيه آي” منافسة متزايدة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، مما يدفعها إلى البحث عن مصادر دخل جديدة لتمويل عمليات التطوير المستمرة. وتعتبر الإعلانات وسيلة تقليدية لتحقيق الإيرادات في عالم الإنترنت، حيث تعتمد على عرض رسائل ترويجية للمستخدمين.
مخاوف تتعلق بالخصوصية
يثير احتمال ظهور الإعلانات في “شات جي بي تي” قلقًا متزايدًا بشأن خصوصية المستخدمين. فالبرنامج يجمع كميات هائلة من البيانات حول تفضيلات واهتمامات المستخدمين من خلال تفاعلاتهم المستمرة معه. وبالتالي، فإن استهداف الإعلانات بناءً على هذه البيانات قد يثير تساؤلات حول مدى شفافية الشركة في التعامل مع معلومات المستخدمين.
يرى خبراء في مجال التسويق الرقمي أن الإعلانات داخل “شات جي بي تي” قد تكون أكثر فعالية من الإعلانات التقليدية المعروضة في محركات البحث مثل “جوجل”. وذلك لأنها ستظهر في سياق محادثة شخصية مع المستخدم، مما يجعلها أكثر ملاءمة لاهتماماته واحتياجاته. بالإضافة إلى ذلك، فإن قدرة البرنامج على فهم اللغة الطبيعية قد تسمح له بتقديم إعلانات أكثر دقة وتخصيصًا.
ومع ذلك، يجب التأكيد على أن هذه المعلومات لا تزال تسريبًا من داخل التطبيق، وليست إعلانًا رسميًا عن قرار نهائي من “أوبن إيه آي”. فالشركة قد تقرر في أي لحظة تغيير هذه الخطط أو التراجع عنها تمامًا.
قاعدة مستخدمين ضخمة
يستفيد “شات جي بي تي” حاليًا من قاعدة مستخدمين واسعة جدًا، حيث يتجاوز عدد المستخدمين الأسبوعيين 800 مليون شخص. ويتبادل هؤلاء المستخدمون أكثر من 18 مليار رسالة أسبوعيًا، مما يولد حجمًا هائلاً من البيانات التي يمكن استخدامها لتحسين أداء البرنامج وتطوير خدمات جديدة. ويبلغ متوسط عدد الزيارات الشهرية للمنصة ما بين 5 إلى 6 مليارات زيارة، مما يؤكد شعبيتها وتأثيرها المتزايد.
تعتبر هذه الأرقام مثيرة للإعجاب، وتوضح الإمكانات الهائلة التي يمتلكها “شات جي بي تي” في مجال الذكاء الاصطناعي. كما أنها تجعله هدفًا جذابًا للمعلنين الذين يسعون للوصول إلى جمهور واسع ومتفاعل. وتشير التقديرات إلى أن سوق الإعلانات الرقمية سيستمر في النمو في السنوات القادمة، مما يزيد من أهمية هذه الخطوة بالنسبة لـ “أوبن إيه آي”.
بالإضافة إلى ذلك، فإن دمج الإعلانات في “شات جي بي تي” قد يفتح الباب أمام نماذج تسويق جديدة ومبتكرة، مثل التسويق بالمحادثة والتسويق التفاعلي. هذه النماذج تعتمد على التفاعل المباشر مع المستخدمين وتقديم عروض مخصصة لهم بناءً على احتياجاتهم وتفضيلاتهم.
في الختام، من المتوقع أن تقوم “أوبن إيه آي” بتقييم نتائج الاختبارات الداخلية للإعلانات في “شات جي بي تي” خلال الأشهر القليلة القادمة، قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن إطلاق هذه الميزة بشكل رسمي. وسيكون من المهم مراقبة ردود فعل المستخدمين والخبراء على هذه الخطوة، وتقييم تأثيرها على خصوصية المستخدمين وعلى نموذج الإيرادات الرقمي بشكل عام.













