شهدت البحار المحيطة بروسيا، وخاصةً البحر الأسود وبحر البلطيق، زيادة في التوترات الأمنية مع تقارير عن هجمات تستهدف ناقلات النفط الروسية. وقد أعلنت السويد عن وضع حراسة مسلحة على هذه الناقلات، بينما كثفت موسكو من وجودها العسكري في بحر البلطيق. وتأتي هذه التطورات في ظل حديث متزايد عن ما يُعرف بـ “أسطول الظل” الروسي، الذي يُعتقد أنه يلعب دورًا في الالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة على صادرات النفط الروسية.
وأكدت مصادر روسية رسمية أن ناقلات النفط تخضع للحماية منذ مطلع شهر يونيو/حزيران، وذلك استجابةً للتهديدات المحتملة. وقد أشارت تقارير إعلامية إلى أن القوات المسلحة السويدية رصدت وجود عناصر مسلحة على متن بعض هذه الناقلات، والتي يُعتقد أنها تابعة لشبكة معقدة من الشركات والجهات الفاعلة التي تحاول إخفاء أصل النفط الروسي.
ما هو أسطول الظل؟
“أسطول الظل” هو مصطلح يشير إلى مجموعة من السفن التجارية التي يُعتقد أنها تعمل بشكل مستقل أو من خلال شركات وهمية لنقل النفط الروسي، وتجنب العقوبات الدولية المفروضة على البلاد بعد الغزو الأوكراني. هذه السفن غالبًا ما تخفي وجهتها الحقيقية باستخدام تقنيات مثل تغيير مسارات الملاحة (spoofing) أو إيقاف تشغيل أجهزة التعريف الآلية (AIS).
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن هذا الأسطول يضم أكثر من 940 سفينة، وهو ما يمثل حوالي 17٪ من أسطول نقل النفط العالمي. وتُقدر قيمة هذه الصادرات التي تتم عبر هذا الأسطول بـ 83 مليار يورو، مما يدل على أهميته الاقتصادية بالنسبة لروسيا.
زيادة التوترات في البحر الأسود
وشهد البحر الأسود تصعيدًا ملحوظًا في التوترات في الأسابيع الأخيرة، مع وقوع هجمات على ناقلات النفط. وتتهم أوكرانيا هذه الناقلات بالمساعدة في تمويل الحرب من خلال نقل النفط الروسي، بينما تتهم روسيا أوكرانيا بتنفيذ هذه الهجمات بهدف تعطيل صادرات الطاقة الروسية.
في الشهر الماضي، استهدفت القوات الأوكرانية ناقلتين قبالة السواحل التركية، وهما “كايروس” و”فيرات”، اللتان كانتا متجهتين إلى ميناء نوفوروسيسك الروسي. وقد أكدت السلطات الأوكرانية مسؤوليتها عن هذه الهجمات، مشيرة إلى أنها تأتي في إطار جهودها لتقويض القدرة العسكرية الروسية.
ردود الفعل الروسية
ورداً على هذه الهجمات، أعلنت روسيا عن تعزيز وجودها العسكري في بحر البلطيق وزيادة مراقبة ناقلات النفط. كما أكد مسؤولون روس أن هذه الإجراءات تهدف إلى حماية السفن الروسية وضمان استمرار صادرات الطاقة.
وقال أندريه كوليسنيك، عضو لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي، إن حراسة ناقلات النفط الروسية بدأت في يونيو الماضي، وأنها ستستمر حتى إشعار آخر. وأضاف أن روسيا مستعدة للرد على أي هجمات أخرى، وأنها لن تسمح لأي جهة بتقويض مصالحها الاقتصادية.
مراقبة بحرية مكثفة: وفي نفس السياق، ذكرت مصادر في القوات البحرية السويدية أن السفن الروسية التابعة لـ “أسطول الظل” تخضع الآن لمراقبة دقيقة، وأنه قد يكون هناك دعم عسكري ولوجستي لهذه السفن من الأسطول البحري الروسي الرئيسي.
تأثير العقوبات وصناعة النفط
يأتي نشاط “أسطول الظل” في سياق العقوبات الغربية المتزايدة على روسيا، والتي تهدف إلى تقليل إيراداتها من النفط وتمويل حربها في أوكرانيا. ومع ذلك، يبدو أن هذه العقوبات لم تكن كافية لوقف تدفق النفط الروسي إلى الأسواق العالمية، حيث يلجأ التجار الروس إلى طرق بديلة لتصدير النفط، مثل استخدام ناقلات قديمة غير خاضعة للعقوبات أو تغيير وجهة الشحنات.
وتشير التقديرات إلى أن هذه الطرق البديلة تسمح لروسيا بتصدير جزء كبير من نفطها عبر “أسطول الظل”، مما يقلل من تأثير العقوبات ويساهم في استمرار تدفق الإيرادات إلى الخزانة الروسية. النفط الخام وأسعار الطاقة هي أيضاً من المواضيع الثانوية المرتبطة بهذا الشأن.
في المستقبل القريب، من المتوقع أن تواصل أوكرانيا جهودها لتعطيل صادرات النفط الروسية، بينما ستحاول روسيا الحفاظ على تدفق النفط إلى الأسواق العالمية. ومن غير الواضح ما إذا كانت العقوبات ستصبح أكثر فعالية في المستقبل، أو ما إذا كانت روسيا ستجد طرقًا جديدة للالتفاف عليها. ويجب متابعة التطورات الأمنية في البحر الأسود وبحر البلطيق عن كثب، بالإضافة إلى التغيرات في أسواق الطاقة العالمية.













