أعادت البحرية الإيطالية، السبت، 43 مهاجرًا من مراكز معالجة طلبات اللجوء في ألبانيا إلى إيطاليا، بعد قرار محكمة الاستئناف في روما بتعليق احتجازهم. وأبحرت السفينة من ميناء شنغن الألباني، الواقع على بعد 66 كيلومترًا شمال غرب تيرانا، وأعادت المهاجرين إلى الأراضي الإيطالية استجابة للحكم القضائي.
وكان هؤلاء من بين 49 مهاجراً وصلوا إلى ألبانيا الثلاثاء الماضي على متن سفينة تابعة للبحرية الإيطالية، بعد اعتراضهم في البحر، إلا أن ستة منهم أعيدوا في اليوم ذاته نظرًا لكونهم قاصرين أو لاعتبارهم من الفئات الأكثر عرضة للخطر.
هذه المحاولة، التي تعد الثالثة من نوعها، تأتي ضمن جهود حكومة جورجيا ميلوني اليمينية المتطرفة لمعالجة ملف المهاجرين خارج حدود الاتحاد الأوروبي، لكنها باءت بالفشل مجددًا.
القضاء الإيطالي يرفض احتجاز المهاجرين
وكانت محكمة الاستئناف في روما، قد أصدرت قرارًا يقضي بتعليق احتجاز المهاجرين الذين تم إنقاذهم قبالة سواحل لامبيدوزا وإرسالهم إلى ألبانيا، وأحالت القضية إلى محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ.
وجاء في حيثيات القرار، أن القضاة رصدوا “تفسيرات قانونية متناقضة” داخل النظام القضائي الإيطالي بشأن توجيه الاتحاد الأوروبي لعام 2013 المتعلق بإجراءات اللجوء، مما يستدعي تدخل محكمة العدل الأوروبية لضمان تطبيق موحد لقوانين التكتل.
بناءً على ذلك، قررت المحكمة تعليق الإجراءات الجارية مؤقتًا، مع التأكيد على أن انتهاء المدة القانونية للاحتجاز يستلزم الإفراج عن المهاجرين.
هذا القرار ليس الأول من نوعه، إذ سبق أن اتخذ القضاء الإيطالي قرارات مماثلة في تشرين الأول/ أكتوبر وتشرين الثاني/ نوفمبر الماضيين، عندما أوقف احتجاز مهاجرين من بنغلاديش ومصر، وأكد بالقول إنه وفقا للدستور الإيطالي فإن حكم محكمة العدل الأوروبية بشأن “البلدان الآمنة” هو الذي يسري بدل القرارات الحكومية.
صدام بين القضاء والحكومة بشأن ملف الهجرة
وقد صعدت الخطوة التي اتخذتها محكمة روما من حدة المواجهة بين السلطتين القضائية والتنفيذية، حيث حاولت حكومة ميلوني الالتفاف على العقبة القانونية بنقل الاختصاص إلى محكمة الاستئناف على أمل الحصول على حكم مختلف، لكنها فشلت في ذلك. ومن المقرر أن تصدر محكمة العدل الأوروبية قرارها النهائي بشأن هذه القضية في 25 شباط/ فبراير المقبل.
لورنزو تروكو، رئيس جمعية الدراسات القانونية الإيطالية المعنية بالهجرة، رحب بقرار المحكمة، لكنه عبر عن قلقه من أن يكون مجرد خطوة رمزية في ظل تصاعد الانتهاكات ضد حقوق المهاجرين. وقال تروكو: “هناك اتجاه استبدادي في التعامل مع الحقوق”، مضيفًا أن “طالبي اللجوء لا يُنظر إليهم كأشخاص يتمتعون بحقوق قانونية كاملة، بل كأفراد بفرص محدودة للغاية للحصول على تلك الحقوق”.
ميلوني تشبه نفسها بـ”بينيلوبي”
في خضم هذه التطورات، أعربت رئيس الوزراء جيورجيا ميلوني عن استيائها من العقبات القانونية التي تعرقل سياساتها بشأن الهجرة. وخلال ظهورها في مؤتمر إعلامي عبر الفيديو، وجهت انتقادات حادة لمن يقفون ضد خططها، معتبرة أن العراقيل التي تواجهها تضعف جهود حكومتها في معالجة الأزمة.
وفي إشارة رمزية، قارنت ميلوني نفسها بشخصية “بينيلوبي”، الزوجة الأسطورية لأوليسيس، التي كانت تمضي نهارها في نسج قطعة قماش، ثم تفكها ليلًا حتى لا تنتهي منها أبدًا، في إشارة إلى أن كل محاولاتها لإصلاح نظام الهجرة يتم تقويضها باستمرار.