تتزايد المخاوف بشأن أهداف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، حيث تشير تقارير استخباراتية أمريكية جديدة إلى سعيه للسيطرة الكاملة على البلاد واستعادة مناطق كانت جزءًا من الإمبراطورية السوفيتية السابقة. هذه التقييمات تتعارض مع التصريحات التي تروج لجهود سلام محتملة، وتؤكد أن طموحات بوتين تتجاوز بكثير تأمين الأراضي التي يسيطر عليها حاليًا. وتثير هذه التطورات تساؤلات حول مستقبل المفاوضات والحرب في أوكرانيا.
وبحسب مصادر مطلعة على معلومات الاستخبارات الأمريكية، نقلتها وكالة رويترز، فإن بوتين لا يزال يهدف إلى الاستيلاء على الأراضي الأوكرانية بأكملها، بل ويمتد طموحه ليشمل استعادة مناطق نفوذ روسية سابقة في أوروبا الشرقية. وتوضح هذه التقارير أن التقديرات الأمريكية، رغم الجهود الدبلوماسية الجارية، لم تتغير منذ بدء الغزو الشامل في عام 2022.
تضارب التقديرات حول أهداف روسيا في أوكرانيا
تأتي هذه التقارير الاستخباراتية في وقت تشهد فيه الجهود الدبلوماسية تقدمًا حذرًا، حيث يشارك فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في محادثات مكثفة مع أطراف أوكرانية وروسية وأوروبية. ومع ذلك، يرى محللون أن هذه التقييمات تشير إلى أن بوتين قد لا يكون جادًا في التوصل إلى تسوية سلام حقيقية، بل يستخدم المفاوضات كأداة لتحقيق مكاسب إضافية على الأرض.
في المقابل، نفى بوتين مرارًا وتكرارًا أي نية لتهديد أوروبا، مدعيًا أن عملياته العسكرية تهدف إلى حماية المصالح الروسية والأمن القومي. ومع ذلك، تتفق الاستخبارات الأوروبية بشكل عام مع التقييمات الأمريكية، حيث تعتقد أن بوتين يطمح إلى تحقيق سيطرة كاملة على أوكرانيا وإعادة إحياء النفوذ الروسي في المنطقة. يتزايد القلق بشأن الأمن الأوروبي مع استمرار هذه التوترات.
المفاوضات الجارية والضمانات الأمنية
أفادت رويترز أن المفاوضات التي يجريها مبعوثا الرئيس ترامب، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، تركز على خطة سلام تتضمن 20 نقطة. تشمل هذه الخطة بحث إمكانية تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا من قبل الولايات المتحدة ودول أوروبية، مقابل تنازلات محتملة بشأن الأراضي. الوضع في أوكرانيا لا يزال معقداً للغاية.
وقد تم التوصل إلى توافق واسع في برلين يوم الاثنين بين الولايات المتحدة وأوكرانيا وأطراف أوروبية حول هذه الضمانات الأمنية، والتي قد تتضمن نشر قوة أمنية أوروبية في المناطق المجاورة لأوكرانيا، بالإضافة إلى تحديد سقف لعدد القوات الأوكرانية. ومع ذلك، فإن مسألة التنازل عن الأراضي لا تزال نقطة خلاف رئيسية بين الأطراف المتفاوضة. تعتبر كييف الحفاظ على وحدة أراضيها أمرًا غير قابل للتفاوض.
موقف موسكو المتصلب
خلال مؤتمره الصحفي السنوي، لم يبد بوتين أي استعداد لتقديم تنازلات، مؤكدًا على استمرار العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا. وأشار إلى أن القوات الروسية سيطرت على حوالي 6 آلاف كيلومتر مربع من الأراضي هذا العام. هذا يشير إلى أن واشنطن قد تواجه صعوبات كبيرة في إقناع بوتين بالتوصل إلى اتفاق سلام مقبول.
أكد مسؤولون في إدارة ترامب أن بوتين قد يصر على تحقيق هدفه الأولي المتمثل في السيطرة على كامل أوكرانيا، وأنه قد لا يقبل بأي اتفاق يقدم له أقل من ذلك. التصعيد في أوكرانيا هو الأكثر إثارة للقلق. أما وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو فقد صرح بأنه ليس من الواضح ما إذا كان بوتين يسعى حقًا إلى اتفاق سلام أم إلى السيطرة الكاملة على البلاد.
في الختام، تظل آفاق السلام في أوكرانيا غير مؤكدة. من المتوقع أن تستمر المفاوضات في الأيام والأسابيع القادمة، مع التركيز على إيجاد حلول مقبولة بشأن قضية الأراضي والضمانات الأمنية. ومع ذلك، فإن موقف روسيا المتصلب والتقارير الاستخباراتية التي تشير إلى طموحات أوسع لبوتين تثير شكوكًا حول إمكانية التوصل إلى تسوية شاملة في المستقبل القريب. ستحتاج الأطراف المعنية إلى تنسيق جهودها بشكل وثيق وتحديد أولويات المصالح المشتركة لتهيئة الظروف المناسبة لإنهاء الصراع












