في تطور دبلوماسي لافت، كشفت مصادر مطلعة لموقع أكسيوس أن الولايات المتحدة قدّمت مقترحاً مكتوباً إلى إيران خلال الجولة الرابعة من المحادثات النووية التي عُقدت يوم الأحد، وهي المرة الأولى التي تتخذ فيها واشنطن هذا الشكل من التفاوض المباشر منذ انطلاق الجولة الحالية من المحادثات مطلع أبريل.
المقترح، الذي سُلِّم مباشرة من قبل مبعوث البيت الأبيض الخاص، ستيف ويتكوف، إلى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، نُقل لاحقاً إلى طهران للتشاور على أعلى المستويات مع المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس مسعود بزشكيان وكبار المسؤولين الإيرانيين.
ويأتي هذا التطور تماشياً مع تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أدلى بها من الدوحة الخميس، حيث أكد أن واشنطن “باتت قريبة جداً من التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران”، مضيفاً أن الأخيرة “وافقت إلى حد ما على الشروط المطروحة”. كما أشار ترامب من الرياض إلى أنه قدّم ما وصفه بـ”غصن الزيتون” للإيرانيين، لكنه حذر قائلاً: “هذا العرض لن يدوم طويلاً… لقد حان وقت اتخاذ القرار”.
وكانت إيران قد سبقت هذه الخطوة الأمريكية بمبادرة مماثلة خلال الجولة الأولى من المحادثات، حين قدّم عراقجي لويتكوف وثيقة مكتوبة تتضمن عدداً من المقترحات الإيرانية، إلا أن المبعوث الأمريكي حينها اعتبر أن الوقت لا يزال مبكراً، معبّراً عن رغبته في “بناء علاقة تفاهم أولاً”.
لكن الأمور تطورت تدريجاً. ففي الجولة الثالثة نهاية أبريل، سلّمت طهران وثيقة محدثة تضم أفكاراً تفصيلية بشأن الاتفاق النووي، وقد وافق ويتكوف على تسلمها ودرسها بالتعاون مع فريق خبراء أمريكي، قبل أن يُرسل قائمة بأسئلة وطلبات توضيح إلى الجانب الإيراني، الذي ردّ بدوره مضيفاً استفسارات جديدة.
وبحسب ما نقلته المصادر، فقد عمل ويتكوف وفريقه على إعداد مقترح أمريكي شامل يُجسد رؤية إدارة ترامب حول برنامج نووي “مدني” لإيران، متضمناً شروط الرقابة والتحقق من التزام طهران، في ظل تباين التقديرات الأمريكية بشأن ما إذا كانت إيران ستُمنح حق تخصيب اليورانيوم، وبأي مستوى.
في هذا السياق، نقلت شبكة “إن بي سي” عن مستشار للمرشد الأعلى خامنئي قوله إن طهران مستعدة لقبول اتفاق يتيح لها تخصيب اليورانيوم ضمن الحدود الدنيا اللازمة للاستخدامات المدنية فقط، مع التزامها بالتخلص من مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب تحت إشراف دولي، مقابل رفع شامل للعقوبات.
وقبل أيام، قدّم ويتكوف إحاطة إلى مجلس الأمن الدولي تناولت تفاصيل المقترح الأمريكي، واصفاً إياه بأنه “مقترح كبير ومتميز”، لكنه شدد على ضرورة “تحقيق تقدم ملموس في المفاوضات”، وفقاً لمحضر الاجتماع الذي اطلع عليه أكسيوس.
وفي السياق ذاته، أشارت المصادر إلى أن ويتكوف سلّم المقترح رسمياً إلى عراقجي خلال لقاء جمعهما في سلطنة عمان الأحد الماضي، بينما رفضت وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على التطورات.
وأعرب المبعوث الأمريكي عن ارتياحه لمجريات الجولة الرابعة، التي انعقدت قبيل بدء زيارة ترامب للشرق الأوسط، في وقت لم يُحدَّد بعد موعد للجولة الخامسة من المحادثات.
وفي لقاء جمعه بأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قال ترامب: “آمل أن تساعدونا في التعامل مع الملف الإيراني. الوضع دقيق وخطير ونريد اتخاذ القرار الصحيح”، مضيفاً: “لسنا بصدد خوض حرب… فمثل هذه الأمور تبدأ ثم تخرج عن السيطرة، وقد شهدت ذلك مراراً ولن أسمح بتكراره”.
عراقجي: لا تراجع عن التخصيب ولن يتم تفكيك أي منشأة نووية
من جانبه أكد وزير الخارجية الإيراني عراقجي، أن الطرف الأمريكي “يتفاوض معنا لأنه غير قادر على فرض إرادته عسكرياً”.
وأضاف: “لو كان الطرف المقابل قادراً على تدمير منشآتنا النووية لما احتاج للدخول في مفاوضات”، واعتبر أن الصناعة النووية وتخصيب اليورانيوم حق شعبنا ولا تراجع عنه لا في الإعلام ولا في المفاوضات”، مؤكدا أنه لن يتم تفكيك أي منشأة نووية إيرانية. لكنه في الوقت نفسه شدد على أن طهران لا تمانع في حضور الشركات الأمريكية، وأن هذا المانع فرضته واشنطن على نفسها.
وزاد الوزير الإيراني أن وفد بلاده لم يتلق أي مقترح مكتوب من المبعوث الأمريكي ويتكوف، مشيراً إلى “أننا نسمع مواقف متناقضة باستمرار من المسؤولين الأمريكيين”.