أثار ظهور متحور جديد للإنفلونزا الموسمية قلقًا صحيًا عالميًا، حيث سجلت 34 دولة حول العالم، بما في ذلك 28 دولة أوروبية، ارتفاعًا مفاجئًا في حالات الإصابة قبل الموعد المعتاد لانتشار هذا المرض الشتوي. وقد صنفت منظمة الصحة العالمية هذا المتحور الجديد على أنه “متحور ك”، وهو يتميز بسرعة انتشاره العالية.
بدأ هذا المتحور في الانتشار لأول مرة في الولايات المتحدة خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، ثم انتقل إلى أستراليا، لكنه أصبح الآن المهيمن على الإصابات في أوروبا، حيث يمثل 90% من الحالات المسجلة. وتأتي هذه الزيادة في وقت تستعد فيه العديد من الدول لموسم الشتاء وتزايد الطقس البارد الذي يسهل انتشار الفيروسات التنفسية.
أعراض المتحور الجديد وتحديات اللقاحات
تشابه أعراض متحور “ك” بشكل كبير مع أعراض الإنفلونزا التقليدية، وتشمل الحمى والسعال والتهاب الحلق وآلام في الجسم. وقد تظهر أعراض إضافية لدى الأطفال، مثل الغثيان أو الإسهال. يعتبر التعرف على الأعراض المبكرة أمرًا بالغ الأهمية للحد من انتشار العدوى.
وقد كثفت السلطات الصحية في دول مثل فرنسا وإنجلترا وألمانيا حملات التطعيم باللقاحات الموسمية للإنفلونزا، في محاولة للسيطرة على الوضع. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن سرعة انتشار المتحور الجديد تتجاوز الاستجابة الحالية للقاحات.
ويرجع الباحثون هذا الأمر إلى التغيرات الجينية التي طرأت على المتحور الجديد، مما يقلل من فعالية اللقاحات المصممة لمكافحة السلالات السابقة. فاللقاحات قد لا تتمكن من التعرف على الفيروس الجديد بشكل كامل، أو قد تحتاج إلى وقت أطول لإنتاج الأجسام المضادة الضرورية، مما يجعلها تقلل من حدة المرض ولكنها لا تمنع الإصابة به بالكامل.
الضغط على الأنظمة الصحية
تواجه المؤسسات الصحية في أوروبا ضغوطًا متزايدة بسبب ارتفاع عدد الإصابات، خاصة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 14 عامًا. يُلاحظ زيادة الطلب على الخدمات الطبية والأدوية المضادة للفيروسات، مما قد يؤدي إلى نقص في الموارد المتاحة.
وتشير البيانات إلى أن معدلات الاستشفاء المرتبطة بالإنفلونزا آخذة في الارتفاع، مما يتطلب تخصيص المزيد من الأسرّة والموظفين في المستشفيات. ومع ذلك، لم يتم بعد تحديد مدى تأثير المتحور الجديد على معدلات الوفيات.
ردود الفعل والتوعية المجتمعية
أثار ظهور المتحور الجديد الأنفلونزا الموسمية نقاشات واسعة النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من المستخدمين عن قلقهم وخوفهم من عودة القيود الصحية. وقد رصد برنامج “شبكات” بعض هذه التعليقات، والتي تعكس وجهات نظر مختلفة حول الفيروس واللقاحات.
ودعا أحد المغردين إلى ضرورة أخذ اللقاح، مؤكدًا أنه “لقاح الأنفلونزا ضرورة والحمد لله متوفر وبالمجان في المراكز الصحية.. لا تترددوا في أخذ اللقاح”.
في المقابل، أعربت مغردة أخرى عن استغرابها من عودة الحديث عن الإنفلونزا واللقاحات، وكتبت: “سبحان الله كل سنة تبدأ أسطوانة الصحة العالمية وتخويفها للناس واختلاق مسميات جديدة بدءا من أنفلونزا الطماطم إلى الرموز وهلم جراً، ولا يلتفت لهم أحد بسبب ارتفاع الوعي والتعلم من الدروس!”.
وحذر مغرد آخر من انتشار المرض، قائلاً: “أرجو من الذي يعترض على أخذ اللقاح أن يريح المجتمع من شره إذا أصيب بالإنفلونزا، فإذا ذهبنا إلى الدوام نجدهم أمامنا وينشروا المرض بين الزملاء والمراجعين والناس”.
ودعا حساب “سفير السعادة” إلى التوقف عن تخويف الناس، وعلّق: “صار كل سنة موديل جديد بمسمى جديد !! أي فيروس تنفسي موسمي يعتبر طبيعي ولا ينتقص منا شيء… طرق الوقاية كثيرة يكفي رعب !!”.
تؤكد منظمة الصحة العالمية على أهمية التوعية المجتمعية حول طرق الوقاية من الإنفلونزا، مثل غسل اليدين بانتظام، وتغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس، وتجنب الأماكن المزدحمة.
وهناك جهود جارية من قبل الهيئات الصحية لتطوير لقاحات جديدة تتناسب مع التغيرات الجينية للمتحور الجديد للإنفلونزا. ومع ذلك، يتوقع أن يستغرق الأمر عدة أشهر قبل أن تصبح هذه اللقاحات متاحة على نطاق واسع. وينبغي على الجميع مراقبة التطورات الجارية واتباع إرشادات الصحة العامة.













