اختر منطقتك 
علمت «عكاظ»، أن محكمة للأحوال الشخصية غرب السعودية قضت بفسخ نكاح زوجة مقابل تنازلها عن مهرها الذي لم تستلمه منذ 27 عاماً، واكتسب الحكم الصفة القطعية.
وبحسب المصادر، تقدّمت الزوجة بدعوى أمام المحكمة أفادت فيها، أن زوجها سيئ العشرة وتطلب فسخ نكاحها منه، وأنها لا تملك عقد الزواج، وأن لديها 6 بنات، وأنها لم تتسلّم مهرها منذ زواجها، وطلبت في مذكرتها تسريحها منه لوقوع الشقاق والنفور وكثرة المشاكل، وأنها لا تستطيع أن تؤدي حقه، وختمت طلبها بفسخ نكاحها دون عوض؛ كونها لم تستلم مهرها المقرر بـ 45 ألف ريال منذ زواجها. وبحسب الوقائع، تقدمت مواطنة في الخامسة والخمسين بدعواها امام محكمة الأحوال الشخصية، ذكرت فيها أنها تزوجت قبل 27 عاماً، وأنجبت 6 بنات، وعزت سبب سكوتها على عدم استلامها للمهر كون زوجها أقنعها أنه في حاجة للسيولة، وأنه سيستثمر مهرها وينميه، وسيقدمه لها لاحقاً مع الأرباح، ومرت السنوات ولم ترغب إحراجه، ولم يلتزم هو بما وعد به، وظل يردد دائماً أنه يحتاج إلى السيولة، وأنه سيعوضها عندما ينتهي من إجراءات بيع عقارات له خارج السعودية لكنه لم يلتزم. وعادت الزوجة وبررت سكوتها عن المطالبة منعاً للمشاكل وإرضاء له وخشية من وقوع انشقاق أسري يؤثر على بناتها وبيتها وأنها (بنت رجال)، ولا تريد الإحراج أو أن تكون سبباً في مشاكل لأسرتها وأهلها، وختمت الزوجة أنها تطلب فسخ نكاحها مقابل تنازلها عن مهرها الذي لم تستلمه.
وفي جلسة قضائية عن بُعد، أجاب الزوج على الدعوى، أن ما ذكرته المدعية من أنها زوجته وأم لبناته صحيح، وأما دعواها بعدم استلام مهرها فغير صحيح ولا يقبله العقل والمنطق، وأنه مثبت في عقد النكاح بأن المهر المتفق عليه تم تسليمه، وأنه صرف عليها الكثير من المال أكثر من ربع قرن، وقال: إن سكوتها مدة طويلة تقارب 27 عاماً يؤكد عدم صحة دعواها. وأضاف، أن زواجه من فتاة شابة في الثلاثين دفعها إلى إقامة الدعوى.
وسألت المحكمة الزوجة عن بينتها فقالت: لا بينة سوى ما ذكرت، وأبدت استعدادها لأداء اليمين بعد أن طلب الزوج أن تقسم على صحة دعواها، وجرى تحليف الزوجة على الصيغة التالية (والله العظيم إن المدعى عليه عقد علي بمهر 45 ألف ريال ولم يسلمني إياه ولا شيئاً منه).
المدعى عليه لم يقدم بينة
بناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة ومصادقة أطراف الدعوى على حصول عقد النكاح بينهما بالوصف والتاريخ والعقد المذكور، وحيث أنكر الزوج عدم تسليم المهر، وقال، إن زوجته استلمته، ولم يقدم البينة الموصلة على ذلك، ولكون ما قدمه من أن العقد كتب فيه بأن المهر قد سلم لا تكفي في إثبات الاستلام، ولم يقدم شهوداً أو إثباتاً بتسليم أو تحويل المهر في حسابها، إذ إن الأصل عدم التسليم، كما أن الظاهر، وهو ما دفعت به الزوجة المدعية بأن أباها كتب في العقد أنه استلم من باب الثقة فيه، وبينت المحكمة، أن الزوج طلب يمين مطلقته على نفي استلامه للمهر وأدت الزوجة المدعية اليمين الشرعية كما طلب منها، وخلصت المحكمة إلى ثبوت عدم استلام الزوجة المدعية للمهر وقدره 45 ألف ريال من زوجها المدعى عليه، وعليه حكمت المحكمة بفسخ نكاحها مقابل تنازلها عن مهرها الذي لم تستلمه، وفي وقت لاحق اكتسب الحكم القطعية وبات نهائياً.
محامية:استرداد الحق المالي
المحامية شهد الأحمدي، أكدت لـ«عكاظ»، أن ما جاء في قرار المحكمة يترجم حرفياً نص المادتين 27 و28 من نظام الأحوال الشخصية، حين منح الزوجة «المشترطة» حق فسخ عقد الزواج بلا عوض لمجرد امتناع الزوج عن تسديد مهرها المؤجل. وبعد 27 عاماً من العلاقة، أكد القضاء أن الحق لا يندثر بالتقادم ولا يضعف بالصمت، فيما استند الحكم إلى اشتراط المادة 27 لوجود نص كتابي صريح يمنح صاحبه خيار الفسخ، وإلى المادة 28 التي تُبيح للمشروط ـ هنا الزوجة ـ طلب الفسخ بلا مقابل إذا أخفق الطرف الآخر في تنفيذ التزامه. ثم وسّع القضاء تفسيره ليطبق المادتين الرابعة والثامنة بعد المائة، اللتين تجيزان الفسخ لعلة مضرّة أو منفّرة تعيق الحياة الزوجية. ولم يقتصر أثر الحكم على استرداد الحق المالي للزوجة، بل رسخ حضانتها لبناتها، وسقط أي حق للزوج بمطالبة المهر بعد تنازلها الصريح عنه. وأضافت الأحمدي: على الرغم من حرص النظام على صيانة الأسرة، نوّه القضاء بأن ذلك لا يبرر حرماناً من حقوق مقررة بنص النظام. فالفترات الزمنية والعرف الصامت لا يبرران إسقاط حق قضاه المشرع. وتبرز الدروس الحقوق الثابتة بنظام لا تسقط بالتقادم، والمرافعة ملاذ آخر لاستعادتها، إذ قد تفوق بينة اليمين أحياناً ما تعجز عنه الوثائق الرسمية.
أخبار ذات صلة
