كشف تحقيق حديث أجرته صحيفة الغارديان البريطانية عن استخدام إسرائيل لـ الذخائر العنقودية المحظورة خلال مواجهاتها الأخيرة مع حزب الله في لبنان. وتأتي هذه التقارير في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، وتسلط الضوء على المخاوف المتعلقة بالالتزام بالقانون الإنساني الدولي في مناطق الصراع. هذا الاستخدام يثير تساؤلات حول تأثير هذه الأسلحة على المدنيين والأضرار طويلة الأمد التي قد تنجم عنها.
وذكرت الصحيفة أن الصور الحصرية التي اطلعت عليها وتحققت منها، تظهر أدلة على استخدام إسرائيل الذخائر العنقودية خلال المواجهات التي استمرت لعدة أشهر، وهو ما يمثل أول تأكيد من نوعه لاستخدام هذه الأسلحة منذ حرب عام 2006. وقد أثارت هذه الاكتشافات قلقًا دوليًا بشأن مدى التقيد بالقواعد والمعايير المتعلقة بالأسلحة في النزاعات المسلحة.
التحقيق يكشف تفاصيل استخدام الذخائر العنقودية
أظهرت الصور، التي فحصها ستة خبراء في مجال الأسلحة من خلفيات متنوعة، بقايا نوعين مختلفين من الذخائر العنقودية الإسرائيلية. تم العثور على هذه البقايا في ثلاثة مواقع مختلفة جنوب نهر الليطاني، في وديان غابية تشمل وادي زبقين، ووادي برغز، ووادي دير سريان. وتشير هذه النتائج إلى انتشار استخدام هذه الأسلحة في مناطق مأهولة بالسكان.
وحسب التحقيق، تتضمن هذه الذخائر صواريخ باراك إيتان (إم 999) عيار 155 ملم، وراعم إيتان الموجه عيار 227 ملم، واللذين يُعتبران من أحدث أنواع الأسلحة العنقودية التي تنتجها شركة إلبيت سيستمز الإسرائيلية. هذا الاستخدام يثير مخاوف بشأن تطوير وانتشار أسلحة جديدة ذات تأثيرات مدمرة.
مخاطر الذخائر العنقودية على المدنيين
الذخائر العنقودية، بشكل عام، تثير جدلاً واسعًا بسبب طبيعتها التي تفتقر إلى الدقة. فهي تنقسم في الجو، وتنشر مئات القذائف الصغيرة التي تغطي مساحة واسعة. وفقًا لتقارير منظمات دولية، يفشل ما يقرب من 40% من هذه القذائف الفرعية في الانفجار عند الاصطدام بالأرض، مما يحولها إلى ألغام أرضية تهدد حياة المدنيين لفترة طويلة بعد انتهاء القتال. هذه المخاطر تشكل انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي.
وأكد الخبراء الذين فحصوا الصور أن هذه الذخائر قد تسببت في أضرار جسيمة للبنية التحتية الزراعية والمدنية في جنوب لبنان. بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود هذه الذخائر غير المنفجرة يعيق جهود إعادة الإعمار والتنمية في المنطقة. يتطلب ذلك جهودًا مكثفة لإزالة هذه المخلفات الخطيرة.
ردود الفعل الدولية والمخاوف القانونية
على الرغم من أن إسرائيل ليست طرفًا في اتفاقية حظر الذخائر العنقودية، إلا أن استخدامها لهذه الأسلحة يثير تساؤلات حول التزامها بمبادئ القانون الدولي الإنساني، الذي يتطلب اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين. وقد دعت العديد من المنظمات الحقوقية إلى إجراء تحقيق مستقل في هذه الادعاءات.
هذا الكشف يأتي في سياق تصاعد القلق الدولي بشأن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في لبنان. الحرب المستمرة بين إسرائيل وحزب الله أدت إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية، وتشريد الآلاف من المدنيين. إضافة إلى ذلك، فإن لبنان يعاني بالفعل من تداعيات حرب عام 2006، حيث لا تزال الآلاف من الذخائر غير المنفجرة تشكل تهديدًا مستمرًا للسكان.
وفي سياق متصل، أشارت غارديان إلى أن الحرب الإسلامية الأخيرة على لبنان قد أسفرت عن مقتل حوالي 4 آلاف لبناني وحوالي 120 إسرائيليًا، وتدمير كبير في جنوب لبنان. ولا تزال الغارات الجوية شبه اليومية مستمرة على الرغم من وجود وقف إطلاق نار غير رسمي. هذا الوضع يتطلب تدخلًا عاجلاً لتخفيف المعاناة الإنسانية.
من المتوقع أن تواصل المنظمات الدولية والجهات المعنية مراقبة الوضع في جنوب لبنان وتقييم حجم الأضرار الناجمة عن استخدام الذخائر العنقودية. كما يُنتظر أن يتم تقديم تقارير مفصلة عن هذه القضية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. في الوقت الحالي، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه التقارير ستؤدي إلى اتخاذ إجراءات دولية ملموسة.













