حذرت دراسة حديثة من تصاعد استخدام الجماعات المتطرفة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك استنساخ الأصوات والترجمة التوليدية، لتعزيز الدعاية وتوسيع نطاق انتشارها العالمي. ويشكل هذا التطور تحديًا جديدًا لجهود مكافحة الإرهاب، حيث تستغل هذه الجماعات الأدوات المتاحة بسهولة لإنتاج محتوى مقنع ومتعدد اللغات.
وأظهرت التحليلات أن الجماعات المتطرفة، بدءًا من الحركات اليمينية المتطرفة وصولًا إلى تنظيمات مثل داعش، تستخدم هذه التقنيات لإعادة إنتاج خطابات تاريخية وشخصيات مؤثرة، وتحويل المواد الأيديولوجية القديمة إلى محتوى صوتي حديث يجذب جمهورًا أوسع. وقد لوحظ انتشار واسع لهذه المواد على منصات التواصل الاجتماعي.
تأثير الذكاء الاصطناعي على الدعاية المتطرفة
يمثل استخدام الذكاء الاصطناعي في الدعاية المتطرفة تطورًا نوعيًا مقارنة بالأساليب التقليدية. فبدلاً من الاعتماد على مترجمين بشريين أو أدوات محدودة، يمكن للجماعات المتطرفة الآن إنتاج محتوى عالي الجودة بسرعة وبتكلفة منخفضة. وهذا يسمح لها بالوصول إلى جماهير جديدة بلغات مختلفة، وتجاوز القيود الجغرافية.
استنساخ الأصوات والخطابات التاريخية
انتشرت تسجيلات صوتية مستنسخة بالذكاء الاصطناعي لخطب تاريخية متطرفة على نطاق واسع، وحصدت ملايين المشاهدات على منصات التواصل. وتتيح هذه التقنية إحياء شخصيات أيديولوجية قديمة، ومنحها تأثيرًا جديدًا على الجمهور المعاصر. كما تم تحويل نصوص متطرفة إلى كتب صوتية باستخدام نماذج صوتية تحاكي مؤلفيها الأصليين.
الترجمة التوليدية وتوسيع النطاق اللغوي
تتيح تقنيات الترجمة التوليدية للجماعات المتطرفة ترجمة موادها الأيديولوجية إلى لغات متعددة بسرعة ودقة. وهذا يسهل الوصول إلى جماهير جديدة خارج النطاق اللغوي التقليدي، ويساهم في توسيع نطاق انتشار الأفكار المتطرفة. وتشير التقارير إلى أن هذه الأدوات تستخدم بشكل متزايد لإنتاج محتوى باللغة العربية، بهدف الوصول إلى جمهور أوسع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الجماعات المتطرفة تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء صور ومقاطع فيديو دعائية مقنعة. وتساعد هذه الأدوات في تضليل الجمهور، وتجنيد أعضاء جدد، وتبرير العنف. وتشكل هذه التطورات تحديًا كبيرًا لجهود مكافحة التطرف عبر الإنترنت.
التحديات التي تواجه جهود مكافحة الإرهاب
تضيف هذه التطورات تحديات جديدة أمام السلطات المعنية بمكافحة الإرهاب. فقد أظهرت الجماعات المتطرفة تاريخًا طويلًا في استغلال التقنيات الحديثة، من الإنترنت والعملات المشفرة إلى وسائل الاتصال المشفرة. ومع ذلك، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي يمثل مستوى جديدًا من التعقيد، حيث يمكن لهذه التقنيات أن تجعل الدعاية المتطرفة أكثر فعالية وانتشارًا.
ويؤكد الخبراء على ضرورة تطوير استجابات أكثر تطورًا وسرعة لمواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي. ويشمل ذلك تطوير أدوات للكشف عن المحتوى المتطرف الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتعزيز التعاون بين الحكومات وشركات التكنولوجيا لمكافحة انتشار هذه المواد. كما يتطلب الأمر زيادة الوعي العام بمخاطر الدعاية المتطرفة، وتعزيز التفكير النقدي لدى الجمهور.
مكافحة التطرف تتطلب أيضًا فهمًا أعمق لكيفية استخدام الجماعات المتطرفة لهذه التقنيات، وتحديد نقاط الضعف التي يمكن استغلالها لتعطيل عملياتها. وتشير بعض التقارير إلى أن الجماعات المتطرفة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف المحتملة للهجمات، وتخطيط العمليات الإرهابية.
وفي الختام، من المتوقع أن يستمر استخدام الجماعات المتطرفة لتقنيات الذكاء الاصطناعي في التزايد في المستقبل القريب. ويتطلب ذلك جهودًا متواصلة لتطوير استراتيجيات فعالة لمواجهة هذه المخاطر، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب. وستشهد الأشهر القادمة تركيزًا أكبر على تطوير أدوات الكشف عن المحتوى المتطرف الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتقييم فعالية هذه الأدوات في الحد من انتشار الدعاية المتطرفة.













