أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشدة اقتحام الشرطة الإسرائيلية لمقر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في القدس الشرقية المحتلة، في خطوة تصعيدية تثير تساؤلات حول احترام القانون الدولي وحرمة المنشآت الأممية. يأتي هذا الاقتحام في ظل اتهامات متبادلة وتوترات متزايدة بشأن دور الأونروا في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وقعت الحادثة في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، حيث اقتحمت الشرطة الإسرائيلية المقر الذي استخدمته الأونروا منذ عام 1951، على الرغم من إخلائه مطلع العام الجاري بقرار حكومي إسرائيلي. وتزامن الاقتحام مع مزاعم إسرائيلية حول تورط موظفين في الأونروا في هجمات السابع من أكتوبر، وهي اتهامات تنفيها الوكالة الأممية بشدة.
الخلاف حول الأونروا واقتحام المقر
أكد غوتيريش أن مقر الأونروا لا يزال مبنى تابعًا للأمم المتحدة ويتمتع بالحصانة، مشيرًا إلى أن أي إجراء يستهدف ممتلكات الأمم المتحدة محظور بموجب الاتفاقات الدولية. وشدد في بيانه على ضرورة احترام إسرائيل لحرمة منشآت الأونروا وحمايتها، والامتناع عن أي خطوات إضافية قد تقوض عملها.
من جانبه، وصف المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الاقتحام بأنه تحدٍ للقانون الدولي وتجاهل صارخ لالتزامات إسرائيل كدولة عضو في الأمم المتحدة. وأشار إلى أن هذا التصرف يمثل تصعيدًا خطيرًا في الضغوط التي تمارس على الوكالة.
التبريرات الإسرائيلية والردود الفلسطينية
وزعمت الشرطة الإسرائيلية أن الاقتحام يتعلق بقضية بلدية وديون غير مسددة، وأن عناصرها كانوا متواجدين لتأمين عمل موظفي البلدية. ومع ذلك، نفى مدير شؤون الأونروا في الضفة الغربية، رولاند فريدريك، وجود أي ديون، موضحًا أن القانون الدولي والقانون الإسرائيلي نفسه لا يلزمان الأمم المتحدة بدفع ضرائب من هذا النوع.
وأعربت محافظة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية عن إدانتها الشديدة للاقتحام، مشيرة إلى أن قوات الاحتلال احتجزت موظفي الحراسة وصادرت هواتفهم، مما أدى إلى انقطاع التواصل معهم. ووصفت الحادثة بأنها جزء من حملة مستمرة لتقويض عمل الأونروا وزيادة معاناة اللاجئين الفلسطينيين.
تداعيات الاقتحام على عمل الأونروا
يأتي هذا الاقتحام في وقت تواجه فيه الأونروا بالفعل أزمة تمويلية حادة، بعد أن علقت العديد من الدول تمويلها للوكالة على خلفية الاتهامات الإسرائيلية. وقد أثر ذلك سلبًا على قدرة الوكالة على تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا.
وتعتبر الأونروا منظمة إنسانية حيوية، حيث تقدم خدمات التعليم والصحة والإغاثة لأكثر من 5.9 مليون لاجئ فلسطيني. وتزايدت المخاوف من أن استمرار الضغوط على الوكالة قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في المناطق التي تعمل فيها.
بالإضافة إلى ذلك، يثير هذا الحادث تساؤلات حول مستقبل وجود الأونروا في القدس الشرقية، وما إذا كانت إسرائيل ستتخذ خطوات أخرى لتقييد عملها أو حتى إغلاقها بشكل كامل. وقد يؤدي ذلك إلى زيادة التوترات السياسية والإنسانية في المنطقة.
وتشير التقارير إلى أن هناك جهودًا دبلوماسية جارية للتهدئة وإعادة تقييم الوضع، بما في ذلك اتصالات بين الأمم المتحدة وإسرائيل والدول المانحة للأونروا. وتعتبر قضية الأونروا من القضايا الرئيسية التي تتطلب حلاً عاجلاً لضمان استمرار تقديم المساعدات للاجئين الفلسطينيين والحفاظ على الاستقرار في المنطقة.
وتشمل التحديات التي تواجه الوكالة أيضًا، قضايا تتعلق بـالوضع الإنساني في غزة، وضرورة توفير الحماية للاجئين، وضمان الوصول إلى الخدمات الأساسية. كما أن هناك حاجة ماسة إلى معالجة الأسباب الجذرية للصراع، وإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.
من المتوقع أن يصدر مجلس الأمن الدولي بيانًا بشأن الاقتحام في الأيام القادمة، وقد يتم عقد اجتماع طارئ لمناقشة الوضع. في الوقت نفسه، ستواصل الأمم المتحدة جهودها الدبلوماسية للضغط على إسرائيل من أجل احترام القانون الدولي وحماية منشآت الأونروا. يبقى الوضع متقلبًا، ويتوقف الكثير على ردود الفعل الإسرائيلية والدولية، ومستقبل التحقيقات المتعلقة بالاتهامات الموجهة لموظفي الوكالة.













