بقلم: يورونيوز
نشرت في
التقرير، الذي أُنجز بتكليف من وزير العدل جيرالد دارمانان قبل نحو عامين، عُرض الأربعاء على مجلس الدفاع والأمن الوطني، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعدد من الوزراء.
ويستند التقرير إلى معلومات جمعتها أجهزة الاستخبارات على مدى سنوات، بما في ذلك معطيات حول طرق دخول الجماعة إلى البلاد وتطور وجودها في الفضاءين الاجتماعي والسياسي.
تحذير من “تآكل القيم العلمانية”
التقرير، المصنّف سريًا، يرى أن جماعة الإخوان المسلمين لا تمثل تهديدًا عنيفًا مباشرًا، بل خطرًا طويل الأمد يتمثل في “التآكل التدريجي للقيم العلمانية” داخل المجتمعات المحلية، ما قد ينعكس على التماسك الوطني ومؤسسات الجمهورية. وقد ورد في الوثيقة: “إنّ حقيقة هذا التهديد، حتى وإن لم يكن عنيفًا، تُشكّل خطرًا على نسيج المجتمع (…) وعلى نطاق أوسع، على التماسك الوطني”.
ويزعم التقرير أن المشروع الذي تعمل عليه الجماعة “يهدف إلى إدخال تغييرات تدريجية على القواعد المحلية والوطنية”، وخاصة تلك المرتبطة بمفاهيم العلمانية والمساواة بين الجنسين. وتُشير الوثيقة إلى ما سمتها ظاهرة “الإسلاموية البلدية” التي تزداد حضورًا في بعض البلديات، وتؤثر في السياسات المحلية، وسط تزايد ما وصفه التقرير بـ”البيئات الإسلامية”.
وبحسب الإحصاءات التي تضمّنها التقرير، يوجد في فرنسا 139 دار عبادة تعتبر قريبة من اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا والمرتبط بالجماعة، من أصل نحو 2800 دار عبادة إسلامية مسجّلة رسميًا، أي ما يعادل نحو 7%.
ويذكر التقرير أن تنظيم الإخوان المسلمين فقد الكثير من نفوذه في العالم العربي، فبدأ يركّز نشاطه على أوروبا. ويقترح معدّو الوثيقة إطلاق حملة توعية وطنية متزامنة مع تعزيز “الخطاب العلماني”.
وفي هذا السياق، قال دارمانان إن الجماعة تنظم جهودًا ممنهجة للتأثير على المسؤولين المحليين، بما في ذلك المجالس البلدية، من أجل الدفع باتجاه قرارات تعكس مرجعيات قانونية دينية لا تتوافق مع قوانين الجمهورية. وقال: “إنها جماعة من الإخوان المسلمين جاءت لمهاجمة المجتمع الإسلامي الحقيقي”.
وحذّر أيضًا من تعقيدات مالية وصفها بـ”الخطيرة”، تسمح للجماعة بتوسيع أنشطتها، إلى جانب التأثير على مؤسسات إعلامية وخيرية ورياضية ومجتمعية. وقال إن “هذا التقرير يكشف عن تهديد أولي يُدين إنشاء منظمة قوية إلى حدّ كبير في فرنسا وأوروبا”، مشيرًا إلى أن “عددًا من الشخصيات في الدولة والمجتمعات المحلية والعالم الاقتصادي هم اليوم تحت تأثير الإخوان المسلمين، ويجب مواجهة هذا الواقع”.
ردود فعل سياسية: دعوات للحظر ومخاوف من “تسلل ناعم”
عبّر وزير الداخلية الفرنسي والزعيم المنتخب لحزب الجمهوريين، برونو روتايو، عن قلقه مما وصفه بـ”تدخل جماعة الإخوان المسلمين” في المجتمع الفرنسي، مشيرًا إلى أن التقرير يُظهر “تهديدًا واضحًا للغاية للجمهورية والتماسك الوطني.” حسب قوله.
ولفت روتايو إلى أن ما أسماه “الإسلاموية الخجولة” تنتشر عبر الجمعيات الرياضية والثقافية والاجتماعية، معتبرًا أن الهدف من هذا النشاط هو “دفع المجتمع الفرنسي باتجاه الشريعة الإسلامية”، وهو ما يتعارض “تمامًا مع مبادئ الجمهورية” كما قال.
أما رئيس حزب التجمع الوطني (يمين متطرف)، جوردان بارديلا، فقد طالب بـ”حظر جماعة الإخوان المسلمين وحلّها واعتبارها منظمة إرهابية”.
وأكد أنه في حال تسلّم حزبه زمام السلطة، فإنه يعتزم “اعتماد ما تطبّقه دول عدة، بما فيها بعض الدول العربية ودول الخليج”، مذكّرًا بأن الجماعة مُصنفة كمنظمة إرهابية في الأردن والنمسا.
وأضاف: “نأمل في تطبيق هذا القرار فور تولينا الحكم، كما يجب إغلاق المساجد التي تقع تحت نفوذ الجماعة”.
هل سيشكّل هذا التقرير نقطة تحوّل في سياسات فرنسا تجاه جماعة الإخوان المسلمين، ويدفع نحو مقاربة أكثر حزمًا في التعامل مع ما يُعرف بـ”الإسلام السياسي”؟ وإلى حين الكشف عن محتوى التقرير، يبدو أن آفاق التعامل الرسمي مع هذا الملف ستبقى مفتوحة على عدة سيناريوهات.