كشفت حكومة فنزويلا عن ميزانية مقترحة لعام 2026، حيث تشير التقديرات الأولية إلى انخفاضها بنسبة 12% مقارنة بميزانية هذا العام. وتسعى الحكومة لتقديم خطة إنفاق واقعية في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية المتزايدة، بما في ذلك التهديدات المحتملة من الولايات المتحدة. ويُعد هذا الإعلان خطوة مهمة في سياق الميزانية الفنزويلية، حيث تواجه البلاد ضغوطًا داخلية وخارجية كبيرة.
تخفيضات في الإنفاق الحكومي ومخاوف أمنية
قدمت ديلسي رودريغيز، نائبة الرئيس، الميزانية المقترحة بقيمة 20 مليار دولار أمريكي للجمعية الوطنية. يأتي هذا في وقت حرج، حيث تتصاعد التوترات بين فنزويلا والولايات المتحدة. وترى فنزويلا في الانتشار العسكري الأمريكي في منطقة البحر الكاريبي ذريعة محتملة للتدخل.
أكدت رودريغيز أن الميزانية تم إعدادها في ظل “ظروف خاصة” تحيط بفنزويلا، مشيرةً إلى الحصار والعقوبات المفروضة على البلاد. وأضافت أن الميزانية تعكس قدرة فنزويلا على الصمود في وجه “التدخل الأمريكي” المستمر. وتعادل الميزانية المقترحة 5.02 تريليون بوليفار، وهي قيمة أقل من ميزانية عام 2025 التي بلغت 22.7 مليار دولار.
تداعيات اقتصادية وانخفاض قيمة البوليفار
تواجه فنزويلا تحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك الانخفاض المستمر في قيمة عملتها المحلية، البوليفار. وقد أدى ذلك إلى اتساع الفجوة بين سعر صرف الدولار الرسمي وسعر السوق السوداء لتتجاوز 50%، مما يزيد من الضغط التضخمي. بالرغم من ذلك، تشير البيانات الأخيرة الصادرة عن البنك المركزي الفنزويلي إلى بوادر انتعاش اقتصادي.
أعلن البنك المركزي عن نمو في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8.7% خلال الربع الثالث من العام الحالي. يعزى هذا النمو جزئيًا إلى زيادة إنتاج النفط، على الرغم من العقوبات الأمريكية المستمرة على قطاع الطاقة الفنزويلي. وتعتبر اقتصاد فنزويلا من أكثر الاقتصادات اعتمادًا على النفط في العالم.
العقوبات الأمريكية وتأثيرها على الميزانية
تلقي الحكومة الفنزويلية باللوم على العقوبات الأمريكية في الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. وتشير إلى أن هذه العقوبات، خاصة تلك المفروضة على قطاع النفط منذ عام 2019، تعيق قدرة فنزويلا على استيراد السلع الأساسية وتمويل برامجها الاجتماعية. تعتبر هذه العقوبات جزءًا من سياسة أوسع تهدف إلى ممارسة الضغط على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو.
يرى محللون اقتصاديون أن العقوبات الأمريكية قد ساهمت بالفعل في تفاقم الأزمة الاقتصادية في فنزويلا، ولكنهم يشيرون أيضًا إلى أن سوء الإدارة الاقتصادية والفساد هما عاملان مهمان آخران. وتشير بعض التقارير إلى أن الوضع المالي في فنزويلا لا يزال هشًا للغاية ويتطلب إصلاحات هيكلية عميقة.
التقييم الدولي والآفاق المستقبلية
يعتبر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الوضع الاقتصادي في فنزويلا معقدًا للغاية. وقد حذروا من أن البلاد تواجه تحديات كبيرة في استعادة الاستقرار المالي وتحقيق النمو المستدام. بينما تظهر بعض المؤشرات تحسنًا، إلا أن المخاطر لا تزال مرتفعة. وتشمل هذه المخاطر التقلبات في أسعار النفط، وتدهور البنية التحتية، واستمرار العقوبات الدولية.
وتشير التقديرات إلى أن الوصول إلى الدولار أصبح يمثل تحديًا كبيرًا للمواطنين، مع ارتفاع معدلات التضخم وتقييد الوصول إلى العملات الأجنبية. تؤثر هذه العوامل سلبًا على القدرة الشرائية للأفراد وتزيد من الفقر والبطالة.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول الميزانية المقترحة في الجمعية الوطنية خلال الأسابيع القادمة. وستحتاج الحكومة إلى الحصول على موافقة البرلمان من أجل تنفيذ خططها للعام 2026. يُعد مستقبل الإنفاق العام في فنزويلا غير مؤكد، ويعتمد إلى حد كبير على التطورات السياسية والأمنية، بالإضافة إلى أداء قطاع النفط وقدرة البلاد على التغلب على التحديات الاقتصادية.
ما يجب مراقبته في الفترة القادمة هو تطورات الوضع الأمني في المنطقة، ومفاوضات محتملة مع الولايات المتحدة، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى استقرار العملة الفنزويلية وتعزيز النمو. سيكون التقييم الدولي والقدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية أيضًا من العوامل الحاسمة في تحديد مستقبل الاقتصاد الفنزويلي.













