أعلنت حكومة فنزويلا يوم الجمعة عن إطلاق سراح 99 شخصًا محتجزين على خلفية احتجاجات ما بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2024، في خطوة تهدف إلى تخفيف التوترات الداخلية والخارجية. يأتي هذا الإفراج في ظل ضغوط متزايدة من الولايات المتحدة، بما في ذلك إجراءات عسكرية ودبلوماسية، ويثير تساؤلات حول مستقبل السجناء السياسيين في البلاد.
وقعت هذه الإفراجات في 26 ديسمبر 2025، بعد فترة من الاعتقالات المتزايدة لقادة المعارضة والناشطين، وتأتي في وقت تواجه فيه فنزويلا عزلة دولية متصاعدة. وتشير التقارير إلى أن هذه الخطوة قد تكون محاولة من الحكومة لتهدئة الانتقادات الدولية وتخفيف حدة العقوبات المفروضة عليها.
الإفراج عن السجناء السياسيين: خطوة محدودة وسط أزمة مستمرة
على الرغم من إعلان الحكومة، يرى خبراء حقوق الإنسان أن الإفراج عن 99 شخصًا يمثل خطوة صغيرة مقارنة بالعدد الإجمالي للمحتجزين سياسيًا. تشير منظمات مثل Justicia, Encuentro y Perdón إلى أن ما لا يقل عن 900 سجين سياسي لا يزالون قيد الاحتجاز في فنزويلا. وتؤكد هذه المنظمات أن الاعتقالات تستخدم كأداة لقمع المعارضة السياسية.
تفاصيل الإفراجات وشروطها
أوضحت الحكومة أن المفرج عنهم كانوا محتجزين بتهم تتعلق بالمشاركة في أعمال عنف وتحريض على الكراهية عقب الانتخابات التي جرت في 28 يوليو 2024. ومع ذلك، أكدت لجنة حرية المناضلين والسجناء السياسيين أن معظم المفرج عنهم سيخضعون لـ “حرية مشروطة”، تتضمن قيودًا على السفر، والإبلاغ الدوري أمام المحكمة، ومنعهم من التحدث إلى وسائل الإعلام حول قضاياهم.
بالإضافة إلى ذلك، لم يشمل الإفراج أيًا من الشخصيات المعارضة البارزة، مثل ماريا كورينا ماتشادو، التي اضطرت إلى مغادرة البلاد بعد فوز نيكولاس مادرور بولاية رئاسية ثالثة. هذا الغياب يثير تساؤلات حول مدى جدية الحكومة في معالجة الأزمة السياسية.
الضغط الدولي وتصاعد التوترات
يأتي هذا الإفراج في سياق تصاعد التوترات بين فنزويلا والولايات المتحدة. فقد نشرت الولايات المتحدة 15 ألف جندي وأسطولًا بحريًا في المنطقة، وفرضت حظرًا شاملاً على سفن النفط الفنزويلية الخاضعة للعقوبات. كما وردت تقارير عن عمليات مصادرة وقتل أشخاص في ضربات جوية على قوارب في منطقة الكاريبي والمحيط الهادئ.
وتصف الحكومة الفنزويلية هذه الإجراءات بأنها “حصار إمبريالي وعدوان متعدد الأطراف” يهدف إلى زعزعة استقرار البلاد. حقوق الإنسان في فنزويلا أصبحت محور قلق دولي متزايد، مع اتهامات متكررة للحكومة بقمع المعارضة السياسية وتقييد الحريات المدنية.
اعتقالات حديثة وتدهور الوضع
في الأسابيع الأخيرة، شهدت فنزويلا اعتقالات جديدة لناشطين وقادة نقابيين. كما تم الحكم على غابرييل خوسيه رودريغيز مينديز، البالغ من العمر 17 عامًا، بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة “الإرهاب” بسبب مشاركته في احتجاجات ما بعد الانتخابات. هذه الأحكام القاسية تثير مخاوف بشأن استمرار القمع السياسي في البلاد.
وتشير التقارير إلى أن الإفراجات شملت ثلاثة مراهقين على الأقل، لكنها لم تتناول بشكل كافٍ قضايا المعتقلين البالغين. الوضع السياسي في فنزويلا لا يزال هشًا، مع استمرار الانقسامات العميقة بين الحكومة والمعارضة.
من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة ممارسة الضغط على الحكومة الفنزويلية من خلال العقوبات والإجراءات الدبلوماسية. في الوقت نفسه، من المرجح أن تسعى الحكومة الفنزويلية إلى تعزيز علاقاتها مع دول أخرى، مثل روسيا والصين، لمواجهة العزلة الدولية. ستكون الخطوة التالية الحاسمة هي مراقبة ما إذا كانت الحكومة ستفرج عن المزيد من السجناء السياسيين وتخفف القيود المفروضة على المعارضة، أو ستستمر في سياسة القمع. من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه الإفراجات تمثل بداية لتغيير حقيقي في فنزويلا، أم أنها مجرد محاولة تكتيكية لتخفيف الضغط الدولي.













