أعلن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، يوم الثلاثاء، عن إلغاء مشروع تحويل المقر السابق لجيش يوغوسلافيا في بلغراد إلى فندق فاخر، وذلك بعد انسحاب شركة Affinity Partners الاستثمارية. يأتي هذا القرار بعد أشهر من الجدل والمعارضة الشعبية، واتهامات بالفساد والتزوير تتعلق بإجراءات الموافقة على المشروع. ويُعد هذا التطور بمثابة نكسة للجهود الحكومية لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى صربيا.
وأكد فوتشيتش أن الانسحاب يعود إلى حملة تشهير، حسب وصفه، استهدفت المستثمرين والمشروع نفسه. وأشار إلى أن المبنى سيبقى على حاله، عرضة للتدهور، نظرًا لعدم وجود خطط لإعادة تأهيله. وقد تعرض المقر لقصف خلال حملة حلف شمال الأطلسي عام 1999، وظل مهجورًا منذ ذلك الحين.
مشروع فندق بلغراد المثير للجدل: انسحاب Affinity Partners وتداعياته
كانت شركة Affinity Partners، التي أسسها جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قد أبلغت صحيفة وول ستريت جورنال بقرارها الانسحاب من المشروع. وأوضحت الشركة أن المشاريع يجب أن توحد الناس لا أن تفرقهم، وأنها تحترم شعب صربيا ومدينة بلغراد. وقد نشر كوشنر سابقًا صورًا للمشروع المقترح على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي كان يتضمن برجين حديثين.
اتهامات بالتزوير وإساءة استخدام المنصب
تزامن الانسحاب مع تصاعد الأزمة القانونية المحيطة بالمشروع. فقد وُجهت لوائح اتهام إلى وزير الثقافة الصربي نيكولا سيلاكوفيتش وثلاثة مسؤولين آخرين بتهم تتعلق بإساءة استخدام المنصب والتزوير، وذلك فيما يتعلق بإلغاء صفة التراث الثقافي عن الموقع. ووفقًا للادعاءات، استند قرار إلغاء الحماية القانونية للمبنى إلى وثيقة رسمية مزورة.
واعترف غوران فاسيتش، القائم بأعمال مدير معهد حماية الآثار الثقافية، بتزوير الوثيقة، مما أدى إلى توجيه اتهامات رسمية إليه وإلى سيلاكوفيتش والمسؤولين الآخرين. ويواجه المتهمون عقوبات محتملة تصل إلى السجن لمدة خمس سنوات في حال إدانتهم.
احتجاجات شعبية وسياق سياسي أوسع
أثار المشروع منذ البداية معارضة شعبية واسعة النطاق، وتجددت الاحتجاجات بعد ظهور مزاعم التزوير. وطالب المتظاهرون بالحفاظ على الأنقاض كرمز للتاريخ المعماري وذكرى قصف حلف شمال الأطلسي. وتعتبر هذه الأنقاض جزءًا من الذاكرة الجماعية للصرب.
وكانت Affinity Partners قد وقعت اتفاقية مع الحكومة الصربية في العام الماضي لاستئجار الأرض لمدة 99 عامًا بهدف إعادة تطويرها. وقد دافع فوتشيتش عن المشروع علنًا، معربًا عن اعتقاده بأنه سيساهم في تحديث صربيا وجذب الاستثمارات. كما أشار إلى استعداده للعفو عن أي شخص قد يواجه إجراءات قانونية بسبب المشروع.
وفي تصريحات له، حمّل فوتشيتش المسؤولية عن إفشال الصفقة إلى من وصفهم بالمعارضين، متهمًا إياهم بعرقلة استثمار كان من المتوقع أن يضخ ما لا يقل عن 750 مليون يورو في الاقتصاد الصربي. وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه فوتشيتش احتجاجات واسعة النطاق ضد حكومته، بدأت في نوفمبر الماضي بعد حادثة انهيار سقف محطة قطارات، وتطورت لاحقًا لتشمل مطالب بإجراء انتخابات مبكرة.
تعتبر قضية فندق بلغراد الآن جزءًا من سياق سياسي أوسع، حيث يواجه فوتشيتش ضغوطًا متزايدة من المعارضة والجمهور. وتشكل هذه القضية اختبارًا لالتزام الحكومة بمكافحة الفساد وضمان الشفافية في مشاريع التنمية. كما أنها تلقي الضوء على التحديات التي تواجه صربيا في جذب الاستثمارات الأجنبية مع الحفاظ على تراثها الثقافي.
من المتوقع أن تستمر التحقيقات في مزاعم التزوير وإساءة استخدام المنصب في الأيام والأسابيع القادمة. وسيكون من المهم مراقبة رد فعل الحكومة الصربية على انسحاب Affinity Partners، وما إذا كانت ستسعى إلى إيجاد مستثمر بديل لإعادة تطوير الموقع. كما يجب متابعة تطورات الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وما إذا كانت ستؤثر على مستقبل المشاريع الاستثمارية الأخرى في البلاد. يبقى مستقبل المقر السابق لجيش يوغوسلافيا في بلغراد غير واضح، ويتوقف على القرارات التي ستتخذها الحكومة الصربية والجهات المعنية.












