توفيت الممثلة الفرنسية الشهيرة بريجيت باردو، أيقونة السينما في ستينيات القرن الماضي وناشطة بارزة في مجال حقوق الحيوان، عن عمر يناهز 91 عامًا. وقد أعلنت مؤسسة بريجيت باردو عن وفاتها في منزلها جنوب فرنسا، دون الكشف عن تفاصيل أسباب الوفاة. تُعتبر بريجيت باردو من أبرز الشخصيات التي تركت بصمة واضحة في عالم السينما والنشاط الاجتماعي.
جاء الإعلان عن وفاة باردو بعد صراع مع المرض، وفقًا لمصادر مقربة من عائلتها. وقد أثارت وفاتها موجة من الحزن والتأبين في فرنسا والعالم، حيث نعى العديد من الفنانين والسياسيين والناشطين مسيرتها الحافلة. وتعتبر باردو رمزًا للجمال والحرية، بالإضافة إلى دورها الرائد في الدفاع عن حقوق الحيوان.
بريجيت باردو: من نجمة سينمائية إلى ناشطة حقوق حيوان
بدأت بريجيت باردو مسيرتها الفنية في الخمسينيات، وسرعان ما أصبحت واحدة من أشهر الممثلات في فرنسا وأوروبا. تميزت بجمالها الجذاب وأدائها المتقن، مما جعلها محط أنظار المخرجين والمنتجين. لكنها لم تكتفِ بالشهرة الفنية، بل اتجهت إلى العمل الخيري والاجتماعي.
بداية الشهرة العالمية
حققت باردو شهرة عالمية واسعة في عام 1956 بفضل فيلم “وخلق الله المرأة” (Et Dieu… créa la femme)، للمخرج روجيه فاديم. قدم الفيلم صورة جريئة للمرأة في تلك الفترة، وأثار جدلاً واسعًا، لكنه في الوقت نفسه ساهم في ترسيخ مكانة باردو كرمز للحرية والإغراء. وقد أدى هذا الدور إلى تغيير نظرة المجتمع للمرأة في السينما.
على الرغم من نجاحها الباهر في عالم السينما، قررت باردو الاعتزال في سن مبكرة نسبيًا، وهي 39 عامًا، في عام 1972. وقد فاجأ هذا القرار الكثيرين، لكنها أوضحت أنها لم تعد تجد المتعة في هذا المجال، وأنها ترغب في تكريس وقتها وطاقتها لقضية أخرى تؤمن بها.
التحول إلى ناشطة حقوق الحيوان
بعد اعتزالها السينما، انخرطت بريجيت باردو بشكل كامل في مجال الدفاع عن حقوق الحيوان. أسست جمعية “الجمعية الفرنسية للدفاع عن الحيوان” (Fondation Brigitte Bardot) عام 1986، والتي أصبحت واحدة من أبرز المنظمات التي تعمل في هذا المجال على مستوى العالم. تهدف الجمعية إلى حماية الحيوانات من القسوة والاستغلال، وتعزيز الرفق بها.
لم تتردد باردو في انتقاد الممارسات التي تعتبرها ضارة بالحيوانات، مثل صيد الحيتان، وتربية الحيوانات من أجل الفراء، واستخدام الحيوانات في التجارب العلمية. وقد تعرضت لانتقادات حادة بسبب مواقفها المتشددة، لكنها دافعت دائمًا عن مبادئها، وأصرت على أن الحيوانات تستحق الاحترام والحماية. كما أنها دعت إلى تبني نظام غذائي نباتي أو تقليل استهلاك اللحوم.
بالإضافة إلى عملها من خلال الجمعية، شاركت باردو في العديد من الحملات الميدانية والفعاليات التوعوية حول العالم. وقد ساهمت جهودها في زيادة الوعي بقضايا حقوق الحيوان، وفي إحداث تغييرات إيجابية في بعض القوانين والسياسات المتعلقة بحماية الحيوانات. وقد حظيت أعمالها بتكريمات رسمية وشعبية واسعة، بما في ذلك وسام جوقة الشرف الفرنسي.
لم تكن مسيرة بريجيت باردو خالية من الجدل. فقد واجهت اتهامات بالعنصرية ومعاداة السامية بسبب بعض التصريحات التي أدلت بها في الماضي. لكنها دائمًا ما أكدت أنها ليست متعصبة، وأنها تحترم جميع الثقافات والأديان. وقد أثارت هذه التصريحات جدلاً واسعًا في الأوساط الإعلامية والسياسية، وأدت إلى تدهور صورتها في بعض الأحيان.
تأثير بريجيت باردو على الثقافة الشعبية لا يزال محسوسًا حتى اليوم. فقد ألهمت العديد من الفنانين والمصممين، وأصبحت رمزًا للجمال والحرية والتمرد. كما أن عملها في مجال حقوق الحيوان قد ساهم في تغيير نظرة المجتمع إلى الحيوانات، وفي تعزيز الوعي بأهمية حمايتها. وتعتبر بريجيت باردو مثالًا يحتذى به للعديد من الناشطين في مجال حقوق الحيوان حول العالم.
من المتوقع أن يتم الإعلان عن تفاصيل مراسم الجنازة في الأيام القليلة القادمة. كما أن مؤسسة بريجيت باردو قد تعلن عن خطط لتخليد ذكرى الفنانة الراحلة، من خلال إطلاق مبادرات جديدة في مجال حقوق الحيوان. وسيبقى إرث بريجيت باردو حاضرًا في عالم السينما والنشاط الاجتماعي، وستظل ذكراها خالدة في قلوب محبيها.













