غزة – في خيمة مهترئة بمخيم نزوح في الزوايدة، تجلس رؤوفة الدباغ، أمٌ مكلومة فقدت أبناءها الخمسة في الحرب على غزة، وتحاول التماسك أمام 15 حفيدا أصبحوا أيتاما بلا مأوى أو معيل. مأساة عميقة تعكسها ملامحها الغائرة وعيناها المرهقتان بالبكاء.
رؤوفة التي فقدت زوجها وبيتها المكون من 4 طوابق و8 شقق، أصيبت أيضا خلال الحرب في قصف خيمة مجاورة لخيمتها وخضعت لعملية استئصال الطحال. تقول للجزيرة نت “مهما تحدثت، فلن أستطيع التعبير عن عمق مأساتي. كنت أتمنى أن يساندني أبنائي في كِبري، لا أن أدفنهم واحدا تلو الآخر”.
مأساة عميقة
تعيش رؤوفة في ظروف قاسية مع أحفادها الأيتام، بلا دخل ثابت أو رعاية طبية أو مأوى آمن. الخيمة مهددة بالانهيار مع أول عاصفة، والمساعدات الإنسانية قليلة ومتقطعة. تعكس قصتها مأساة العديد من العائلات الغزية التي تعاني الفقد والفقر والنزوح والمرض في آن واحد.
حنان، ابنة رؤوفة، تصف الوضع الأليم الذي تعيشه والدتها، وتقول “بعد استشهاد إخوتي الخمسة انكسر شيء بداخلها. لم تعد تنام إلا ساعات قليلة، تقضي لياليها تبكي بصمت، والمرض أنهك جسدها”.
السند والملاذ
رغم أوجاع الجسد والحرمان، ما زالت رؤوفة تتمسّك بالأمل وتعتبر السند والملاذ لأحفادها الأيتام. تقول أزهار، ابنة الشهيد فلاح الدباغ، “جدتي رغم وجعها وألمها الجسدي لم تتخلّ عنا لحظة. احتضنتنا وكانت السند والملاذ الآمن بعد أن فقدنا آباءنا”.
تشير بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى أن عدد الأطفال الأيتام بلغ 56 ألفا و320 طفلا، فقدوا أحد والديهم أو كليهما في ظل واقع قاس. وفي ظل هذه الأوضاع، تناشد حنان المنظمات الإنسانية لتقديم الدعم لهم من خلال توفير الاحتياجات الأساسية.
أسرة متكاتفة
تحاول الأسرة تحمل جزء من المسؤولية. رؤوفة ترعى بعض الأطفال، وحنان وأختها تتكفلان بمصاريف البعض الآخر، وأخيها الوحيد المتبقي ينفق على البقية. يتناوبون على زيارة رؤوفة لمساعدتها في تنظيف الخيمة والغسيل وطهي الطعام.
وفي ظل هذه التحديات، يبقى الأمل في يد الرحمة لتعيد للأيتام شيئا من الأمن والحب الذي سُلب منهم. قصة رؤوفة الدباغ ليست مجرد حكاية عائلة فقدت أبناءها، بل مرآة للمأساة الإنسانية في غزة.
ورغم أوجاع الجسد والحرمان، ما زالت رؤوفة تتمسّك بالأمل وتردد “لو ظلّ فيّ نفس، رح أضل أدعو وأحاول يمكن ربنا يفرجها على الأولاد قبل ما يكبروا على وجعهم”.













