قررت رائدة الأعمال، تيري دونلاب (المليونيرة صاحبة الـ25 عاماً اعتماد استراتيجية مرنة في السكن؛ من خلال اعتمادها على إيجار وحدة سكنية قريبة من وسط مدينة سياتل في واشنطن للسكن، مع استخدام السيولة المتاحة لديها في خيارات أخرى.
استراتيجية دونلاب تلك ربما تمثل السيناريو المستقبلي لقرارات السكن لكثير من العملاء لاسيما مع التغير المستمر في أسعار الفائدة في اتجاه صاعد والارتفاع المطرد في نسب التضخم العالمية، بحسب تقرير نشرته شبكة CNBC.
قرار تملك وحدة عقارية سواء للمعيشة أو الاستثمار واحد من أكثر القرارات صعوبة، إذ يحتاج حشد حجم كبير من السيولة المالية وفي الوقت الذي يعيش فيه العالم حالة من ارتفاع في معدلات التضخم بشكل مستمر يمثل قرار شراء الوحدات العقارية تحديًا قد يقرر الكثيرون عدم خوضه من الأساس.
تناول التقرير قرار واحدة من رائدات الأعمال التي قررت الاستمرار في العيش في وحدة سكنية مؤجرة بدلاً من الجوء لتملك وحدة سكنية خاصة بها لما يحمله ذلك من مرونة أكبر تتماشى مع أسلوب حياتها وذلك على الرغم من تحقيقها عائد مادي بمئات الآلاف من الدولارات.
- يمثل التحدي المتعلق بالزيادة المطردة في أسعار الوحدات العقارية، وصعوبة إعادة بيع هذه الأصول عائقًا كبيرًا في الوقت الذي يتغير العالم بسرعة، ويمثل الاستثمار العقاري خطط طويلة الأمد.
- يأتي اللجوء لسيناريو إيجار الوحدات السكنية المناسبة لاحتياجات المرحلة الخيار الأفضل مقارنة بالدفع مقابل الحصول على الوحدات العقارية سواء بدفع كافة المبالغ المستحقة أو اللجوء للتمويل العقاري لتقسيط أسعار تلك الوحدات.
الجميع متأثر
“في ظل ارتفاع معدلات التضخم، فإن التعامل الوحيد مع تلك الارتفاعات يكون بزيادة أسعار الفائدة لسحب السيولة النقدية من الأسواق، ومع رفع أسعار الفائدة يتحمل المقترضون أعباء ديون إضافية”، وفقًا لـجوناثان رولاند، وهو خبير عقاري في المملكة المتحدة.
يقول رولاند لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن التضخم يؤثر على الجميع، بما في ذلك المقترضين للتمويل العقاري، ذلك أن هؤلاء المقترضين يتعين عليهم دفع المزيد كل شهر(أي مصاريف زائدة عن مخططاتهم) كما أن أسعار الفائدة المرتفعة تؤثر على أهليتهم للحصول على قروض في بعض الأحيان، مضيفًا أن التضخم يؤثر على السوق بشكل أكبر حتى على أولئك الذين لا يمتلكون قروضاً عقارية.
وبيّن أنه مع زيادة معدلات التضخم وتأثيرها على السوق العقارية فإن الاستثمار في العقار لم يعد الخيار الأفضل، مقارنة بالاستثمار في الودائع البنكية أو المنتجات الإدخارية الأخرى والتي تمثل خياراً استثمارياً خالياً من المخاطر تقريبًا مقارنة بالوحدات العقارية التي من المحتمل أن تشهد تراجعاً في الأسعار مع ركود حركة البيع والشراء متأثرة بالزيادة الكبيرة في الأسعار عالميًا.
رؤية مستقبلية
ويرى الخبير العقاري في نظرته المستقبلية لتأثير الوضع الحالي على شراء الوحدات العقارية، أن الطفرة التي أعقبت جائحة كوفيد وتأثيرات قضية أوكرانيا هدأت إلى حد كبير، ما يعني أن التضخم يبدو أنه سينخفض وستتبعه أسعار الفائدة، وبما يفتح المجال في المستقبل لإعادة شراء الوحدات العقارية.. ومع ذلك، يبدو أن العالم بأسره غير مستقر وهناك عديد من الأمور التي قد تؤثر على سلاسل التوريد وتؤدي مرة أخرى إلى ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة المحتملة.
التضخم
مدير عام Capex منطقة الشرق الأوسط، جورج بافل، يشير في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن ارتفاع التضخم أدى إلى دفع البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم إلى رفع أسعار الفائدة، ما جعل الرهون العقارية والقروض أكثر تكلفة. وهذا بدوره يضعف الطلب على العقارات حيث يصبح المشترين للوحدات السكنية والتجارية أكثر حذرا.
ويستطرد: “يؤثر التضخم على قطاع العقارات بشكل مختلف ما بين المناطق.. على سبيل المثال، في البلدان التي لديها ديون كبيرة مرتبطة بالعقارات، مثل بعض الاقتصادات المتقدمة، يكون القطاع أكثر عرضة لارتفاع أسعار الفائدة، ويمكن أن يؤدي هذا إلى تباطؤ في الأسواق التي شهدت طفرة في السابق خلال فترات انخفاض أسعار الفائدة.. من جهة أخرى، يؤدي التضخم إلى ارتفاع تكاليف المواد الخام مما يرفع تكلفة بناء العقارات الجديدة ويضغط على الطلب على الوحدات الجديدة”.
ويؤكد بافل على أن الضغوط التضخمية العالمية تفرض تأثيراً كبيراً على القوة الشرائية للمستهلكين، إذ يشكل ارتفاع أسعار السلع تحدياً واضحاً لقدرة المستهلكين على تحمل الضروريات، وتزيد الاضطرابات في سوق العقارات وأسعار الفائدة المرتفعة إلى هذه التحديات، كما تسهم عوامل مثل ارتفاع أسعار الطاقة في هذه الضغوط، ما يؤثر على ثقة المستهلك وعادات الإنفاق، وهذا يؤدي إلى تغيير أوسع في أنماط الإنفاق العالمية.
على الشركات أن تتكيف
لكنه يضيف: “قد تضطر الشركات إلى التكيف مع هذه التغيرات في سلوك المستهلكين، مع تركيزها على تقديم منتجات وخدمات بمقابل قيمة مالية تلبي احتياجات قاعدة المستهلكين العالمية الأكثر حساسية تجاه الأسعار”.
وعلى الرغم من تأكيد والدي رائدة الأعمال تيري دونلاب – التي تفضل الإيجار على تملك الوحدات العقارية- على أن الإيجار يشبه بأن تلقي بحصة شهرية من دخلك في الهواء، فإن الضغوط الحالية في مستويات الأسعار قد تدفع بالكثيرين باتباع نمط دونلاب لمواجهة معدلات التضخم وارتفاع الفائدة التي تحول دون حصولهم على قروض عقارية أو استقطاع حصة كبيرة من مدخراتهم لتوفير السكن المناسب.