بينما كان الدكتور كارما نانغلو، عالم الأحياء القديمة في جامعة كاليفورنيا ريفرسايد، يدرس صورًا ثلاثية الأبعاد لقواقع عمرها 480 مليون عام، استرعى انتباهه وجود علامات تشبه علامة الاستفهام على أصداف تلك الكائنات. هذه العلامات، التي وُجدت في تكوين فزواطة الأحفوري جنوب شرق المغرب، كانت نتيجة بحث نانغلو وزميله خافيير أورتيغا هيرنانديز، عالم الأحياء التطورية بجامعة هارفارد، عن فهم أعماق تلك العلامات الغامضة.
كشفت الدراسة، التي نُشرت في دورية “آي ساينس”، أن تلك العلامات تعود إلى ديدان بحرية طفيلية تُعرف باسم “سبايونيد”، وهي ديدان لا تزال تعيش حتى اليوم وتلتصق بالمحار وبلح البحر، مما يُضعف أصدافها ويزيد من احتمال موتها. وقد وجد الباحثون أن هذه الطفيليات كانت موجودة منذ مئات الملايين من السنين، أي في فترة تسبق وجود الديناصورات.
ديدان “سبايونيد”: طفيليات قديمة تُهدد المحار
استخدم نانغلو وأورتيغا هيرنانديز تقنية تصوير متقدمة تُشبه الأشعة المقطعية، ولكن بدرجة دقة أعلى بكثير، لفحص الصخور التي تحتوي على تلك الأصداف المتحجرة. وقد كشفت هذه التقنية أن الحفريات لم تكن فقط على سطح الصخور، بل كانت هناك طبقات متراصة داخل الصخور تحتوي على المزيد من الأصداف المصابة بالطفيليات.
تنتمي الأصداف التي فُحصت في الدراسة إلى نوع مبكر من أقارب المحار الحديث، والذي ازدهر خلال العصر الأوردوفيشي. ويوضح نانغلو أن تلك الفترة شهدت تغيرًا بيئيًا سريعًا، حيث ازدادت كثافة النظم البيئية للمحيطات وحدث تزايد في التنافس والافتراس، وكانت الطفيليات جزءًا من تلك التغيرات.
استنتاجات الدراسة وتأثيراتها
تظهر الدراسة أن ديدان “سبايونيد” لم تغير أسلوب حياتها منذ نحو نصف مليار عام، متجاوزة الانقراضات الكبرى والتغيرات البيئية الهائلة. ويقول نانغلو إن هذا يدل على أن نمط حياتها كان ناجحًا ولم يكن هناك داعي لتغييره. وقد أشار الباحثون إلى أهمية هذه النتائج في فهم التاريخ التطوري لتلك الكائنات.
من المتوقع أن يستمر البحث في هذا المجال لفهم المزيد عن تاريخ وتأثير تلك الطفيليات على النظم البيئية البحرية. كما سيكون من المهم متابعة الدراسات المستقبلية لفهم كيف يمكن أن تؤثر هذه النتائج على فهمنا للتغيرات البيئية الحالية والمستقبلية.













