في شمال بوتسوانا، يواجه المزارعون تحديًا متزايدًا يتمثل في الأضرار التي تلحق بمحاصيلهم بسبب الفيلة البرية. ومع أن الفيلة تعتبر رمزًا وطنيًا ومحبوبًا، إلا أن دخول قطيع إلى حقل زراعي يمكن أن يدمر جهودًا مضنية بُذلت على مدار شهور. لذلك، يبحث العلماء عن حلول مبتكرة لـردع الفيلة عن المحاصيل الزراعية بطرق لا تؤذي الحيوانات أو تقلل من الإنتاج.
تعتمد الحلول المقترحة على استغلال حساسية الفيلة تجاه النحل الأفريقي، حيث أن لسعات النحل، خاصة حول العينين والخرطوم، مؤلمة للغاية وتسبب إزعاجًا كبيرًا. وقد أظهرت الدراسات أن الفيلة تتجنب المناطق التي تعتقد أنها قد تحتوي على خلايا نحل، مما يوفر فرصة لتطوير طرق غير ضارة لـحماية المحاصيل.
أسوار خلايا النحل: استراتيجية جديدة لردع الفيلة
تعتبر فكرة “أسوار خلايا النحل” من بين الحلول الواعدة، حيث يتم وضع خلايا نحل حية على أعمدة حول الحقول الزراعية. تعمل هذه الخلايا كحاجز طبيعي، حيث أن رائحة النحل وصوته كافيان لردع الفيلة عن الاقتراب. هذه الطريقة ليست جديدة تمامًا، فقد تم تطبيقها بنجاح في مناطق أخرى من أفريقيا.
ومع ذلك، فإن فعالية هذه الطريقة تعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك كثافة خلايا النحل وتكرارها، بالإضافة إلى سلوك الفيلة وتجاربها السابقة. تشير الأبحاث الأولية إلى أن الفيلة تتعلم بسرعة تجنب المناطق المرتبطة بتجربة مؤلمة مع النحل.
التجارب في بوتسوانا: نتائج واعدة ولكنها ليست نهائية
أجرت الباحثة تمبي آدامز وفريقها من جامعة نيوساوث ويلز تجارب في شمال بوتسوانا لتقييم فعالية استخدام أصوات النحل لـردع الفيلة. بدلاً من استخدام خلايا نحل حقيقية في البداية، قاموا بتشغيل تسجيلات لأصوات النحل لمجموعات من الفيلة البرية، ثم راقبوا ردود أفعالها.
ووفقًا للدراسة المنشورة في دورية “باكيديرم”، أظهرت النتائج أن حوالي 53.3% من مجموعات الفيلة تفاعلت بشكل ملحوظ عند سماع صوت النحل، حيث بدت وكأنها تحاول الابتعاد عن مصدر الصوت. بالمقابل، لم تظهر سوى 26.6% من المجموعات نفس التفاعل عند تشغيل ضجيج أبيض كعنصر تحكم.
ومع ذلك، يوضح الفريق البحثي أن هذه النتائج لا تعني أن الطريقة مضمونة النجاح في جميع الحالات. فقد لوحظ أن بعض الفيلة لم تظهر أي رد فعل واضح تجاه صوت النحل، مما يشير إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم العوامل التي تؤثر على فعالية هذه الطريقة.
تحديات تواجه تطبيق هذه الاستراتيجية
أحد التحديات الرئيسية التي تواجه تطبيق هذه الاستراتيجية في شمال بوتسوانا هو قلة أعداد النحل في المنطقة. يعزو العلماء ذلك إلى الظروف البيئية القاسية، بما في ذلك الجفاف ونقص النباتات المزهرة، مما يجعل من الصعب على النحل البقاء والتكاثر. ونتيجة لذلك، قد لا تكون الفيلة قد اكتسبت تجربة كافية مع لسعات النحل لتطوير خوف حقيقي من الطنين.
بالإضافة إلى ذلك، قد تحتاج إلى تطوير طرق لضمان سلامة النحل نفسه، حيث أن وجود الفيلة بالقرب من خلايا النحل يمكن أن يعرضهما للخطر. يتطلب ذلك تصميم خلايا نحل آمنة ومقاومة للتلف، بالإضافة إلى تدريب المزارعين على كيفية التعامل مع الفيلة والنحل بشكل صحيح.
تعتبر الزراعة المستدامة والحفاظ على التنوع البيولوجي من المفاهيم المرتبطة بـحماية المحاصيل من الأضرار التي تسببها الحيوانات البرية. إن دعم أعداد النحل في المنطقة يمكن أن يحقق فوائد متعددة، بما في ذلك تحسين التلقيح وزيادة الإنتاج الزراعي وتقليل الصراع بين البشر والفيلة.
الخطوات التالية والمستقبل
تشير النتائج الأولية إلى أن استخدام أصوات النحل قد يكون وسيلة فعالة لردع الفيلة، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد أفضل الطرق لتطبيق هذه الاستراتيجية في شمال بوتسوانا. من المتوقع أن يقوم الفريق البحثي بإجراء تجارب إضافية باستخدام خلايا نحل حقيقية، بالإضافة إلى دراسة سلوك الفيلة وتفاعلاتها مع النحل بشكل أكثر تفصيلاً.
من المقرر نشر تقرير شامل عن نتائج هذه التجارب في الربع الأول من عام 2026. سيساعد هذا التقرير في تحديد ما إذا كانت هذه الطريقة قابلة للتطبيق على نطاق واسع، وما هي التعديلات التي قد تكون ضرورية لضمان فعاليتها واستدامتها. يبقى التحدي قائمًا، ولكن هناك أمل في إيجاد حلول مبتكرة لحماية كل من المزارعين والفيلة في هذه المنطقة الهامة.













