اختتم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي دورته السادسة والأربعين، وسط حضور لافت ومشاعر متباينة، حيث شهد الحفل الختامي لحظة مؤثرة بتشغيل تسجيل صوتي للطفلة الفلسطينية هند رجب، مما سلط الضوء على الأوضاع الإنسانية المأساوية في غزة. وقد حظي فيلم “كان يا ما كان في غزة” بجائزة أفضل فيلم عربي، معبرًا عن التضامن مع القضية الفلسطينية. هذا الحدث يعكس أهمية السينما كأداة للتعبير عن القضايا الاجتماعية والإنسانية.
أكد الفنان حسين فهمي، رئيس المهرجان، أن الصوت الذي سمعه الجمهور هو بالفعل صوت الطفلة هند رجب من غزة، مشيرًا إلى أن ما يبدو مشهدًا دراميًا هو واقع مؤلم عاشته الطفلة. وأضاف أن السينما تظل وسيلة حية لحفظ الحكايات الحقيقية ومنع اختفائها، لتظل أصوات أصحابها شاهدة على الأحداث. كما تم تكريم العديد من الأفلام والشخصيات السينمائية خلال الحفل.
“كان يا ما كان في غزة” يتربع على عرش السينما العربية
حصد فيلم “كان يا ما كان في غزة” للمخرجين طرزان وعرب ناصر جائزة أفضل فيلم عربي طويل، وهو الفيلم الذي يتناول حياة الفلسطينيين في غزة وتحدياتهم اليومية. وقد أهدى صناع الفيلم الجائزة إلى “صوت هند رجب” وإلى المصور والمخرج أحمد الدنف، وإلى جميع أبناء غزة الصامدين. الفيلم يمثل إضافة مهمة للسينما العربية التي تتناول قضايا معاصرة.
وفي كلمة استلام الجائزة، قال المؤلف عامر ناصر إن الفيلم يجسد غزة التي واجهت عبر تاريخها أشكالًا مروعة من الإبادة، مؤكدًا أن جوهر الحكاية هو الإنسان الغزّاوي الذي تمسك بأرضه وصمد وقاوم. وأضاف: “نحن نتحدث عن الإنسان.. عن شعب يعيش الألم لكنه يواصل الطريق”.
جوائز وتكريمات في المهرجان
بالإضافة إلى جائزة أفضل فيلم عربي، نال الفيلم الجائزة الفضية كأفضل فيلم ضمن المسابقة الرسمية. كما حصل الممثل الفلسطيني مجد عيد على جائزة أفضل ممثل عن دوره في العمل. وحصد الفيلم العراقي “فلانة” للمخرجة زهراء غندور تنويهًا خاصًا من لجنة التحكيم. هذه الجوائز تعكس التنوع والإبداع في السينما العربية.
كما فاز فيلم “ضايل عنا عرض” للمخرجة مي سعد والمصور الفلسطيني أحمد الدنف بجائزة يوسف شريف رزق الله (جائزة الجمهور)، وهو الفيلم الذي يتبع رحلة فريق سيرك غزة الحر الذي واصل عروضه رغم الظروف القاسية. وفي مسابقة أسبوع النقاد الدولية، حصل فيلم “حبيبي حسين” على جائزة شادي عبد السلام لأفضل فيلم.
صوت التضامن يعلو في الختام
شهد حفل توزيع الجوائز حضورًا فلسطينيًا لافتًا، مما يعكس التضامن مع الشعب الفلسطيني. وقد وجه المخرج والمنتج المصري بسام مرتضى، عضو لجنة تحكيم جائزة الفيلم الوثائقي، تحية خاصة للشعب الفلسطيني، مؤكدًا تضامنه مع السودان أيضًا. هذا التضامن يعكس الوعي الإنساني والاجتماعي لدى صناع السينما.
وفاز فيلم “ثريا حبي” بجائزة أفضل فيلم وثائقي، وهو إنتاج لبناني-قطري يعتمد على مشاهد من فيلم مارون بغدادي الشهير “حروب صغيرة”. وفي المسابقة الرسمية، حصل فيلم “اليعسوب” على الهرم الذهبي لأفضل فيلم. كما فاز فيلم “عالم النبات” بجائزة أفضل فيلم آسيوي طويل “نيتبّاك”.
حرص الفنان حسين فهمي على توجيه التهنئة للشعب القطري مع انطلاق فعاليات مهرجان الدوحة السينمائي، وأعلن عن توقيع اتفاقية تعاون بين مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ولجنة الأفلام في المدينة الإعلامية بقطر. هذه الشراكة ستسهم في فتح آفاق جديدة أمام صناعة السينما العربية وتعزيز فرص الإنتاج المشترك.
من المتوقع أن تستمر فعاليات مهرجان الدوحة السينمائي في جذب الأنظار، وأن يشهد المزيد من التعاون بين صناع السينما العرب. كما من المنتظر أن يشهد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته القادمة المزيد من التطور والازدهار، وأن يواصل دوره في دعم السينما العربية وتعزيز التبادل الثقافي. وستظل السينما وسيلة قوية للتعبير عن القضايا الإنسانية والاجتماعية، ولنشر الوعي والتفاهم بين الشعوب.













