في خطوة غير مسبوقة بأفريقيا، بدأ المغرب إنتاج اختبارات فيروس جدري القردة عبر شركة “مولدياج” الناشئة، بهدف تقليل اعتماد القارة على الإمدادات الطبية المستوردة، استجابة لدعوات القادة الأفارقة لتحقيق الاكتفاء الذاتي بعد جائحة كوفيد-19.
تأسست شركة “مولدياج” ضمن المؤسسة المغربية للعلوم المتقدمة والابتكار والبحث العلمي، وسبق للشركة أن طورت اختبارات لكوفيد-19 والسل، وحصلت على تمويل من المفوضية الأوروبية والحكومة المغربية.
فبقيادة مؤسسها عبد العظيم مومن، تسعى “مولدياج” إلى تلبية الطلب المحلي والدولي على اختبارات فيروس جدري القردة، وبدأت الشركة في قبول طلبات من بوروندي وأوغندا والكونغو، وأرسلت شحنات إلى السنغال ونيجيريا، حيث يُباع الاختبار بسعر 5 دولارات، التزاما بتوصيات منظمة الصحة العالمية بشأن الأسعار.
أفاد مومن بأن “إرسال الاختبارات من دولة أفريقية إلى أخرى يُـعَـدّ أكثر كفاءة من انتظار الإمدادات من الصين أو أوروبا”. وأشار إلى أن العالم بدأ يدرك أهمية الإنتاج المحلي في المناطق التي تعاني من تفشي الأوبئة، مشددًا على أن هذا التوجه يعزز سرعة الاستجابة والتكيف مع الظروف الطارئة.
صعوبات التشخيص في القارة الأفريقية
يعاني العديد من الدول الأفريقية من نقص في البنية التحتية المختبرية اللازمة لتشخيص الأوبئة. ففي الكونغو، التي شهدت انتشارًا واسعًا لفيروس جدري القردة، يفتقر العديد من مقاطعاتها إلى مختبرات مخصصة لتحليل العينات.
وأوضح موسولي روبرت، المدير الطبي لمستشفى كافومو في جنوب كيفو، أن غياب المختبرات المجهزة يجعل من الصعب تشخيص المرض، ما يضطر الأطباء إلى الاعتماد على الملاحظات السريرية، مثل الطفح الجلدي وارتفاع الحرارة، لتشخيص المرض.
وتؤكد هذه الصعوبات الحاجة إلى اختبارات سريعة يمكن إجراؤها محليًا دون الحاجة إلى إرسال العينات إلى مختبرات بعيدة. في هذا السياق، تعمل شركة “مولدياج” وشركات أخرى على تطوير اختبارات أكثر كفاءة، وهو مطلب ضروري، خاصة مع تزايد المخاوف من انتشار سلالات جديدة من فيروس جدري القردة قد تكون أكثر قدرة على الانتقال بين البشر.
اعتراف دولي بجهود المغرب
في تشرين الثاني/ نوفمبر، حصلت “مولدياج” على موافقة مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا لتوزيع اختبارات جدري القردة، إلا أنها لم تحصل بعد على الموافقة المعجلة من منظمة الصحة العالمية. في المقابل، وافقت منظمة الصحة العالمية على ثلاثة اختبارات أخرى أنتجتها شركات في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا، فيما تنتظر خمسة اختبارات أخرى الموافقة.
وصرّح ينيو تيبيجي، القائم بأعمال مدير التشخيص المختبري بمنظمة الصحة العالمية، أن المنظمة أنشأت نظامًا لتسريع الموافقة على الاختبارات الجديدة، مشيرًا إلى أن عمليات الاعتماد قد تستغرق شهورًا أو سنوات، ما يؤدي إلى تأخير توفير الإمدادات الطبية في أفريقيا.
في هذا السياق، وجه المدافعون عن الصحة العالمية، بمن فيهم منظمة “Public Citizen” ومنظمة “أطباء بلا حدود”، دعوات إلى الشركات يطالبونها بخفض تكلفة اختبارات جدري القردة، وانتقدوا شركة “Cepheid”، إحدى الشركات المعتمدة لتصنيع الاختبارات، لبيعها بسعر 20 دولارًا، في حين تظهر التحليلات أن تكلفة الإنتاج يمكن أن تكون أقل بكثير.
ويشير الخبراء إلى أن تعزيز إنتاج الاختبارات في أفريقيا يمثل تحولًا استراتيجيًا سيساعد القارة على مواجهة الأزمات الصحية بشكل أسرع وأكثر كفاءة.