في مسقط رأس الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، حيث كانت السلطة والنفوذ طيلة عقود ملكًا لعائلة الأسد، بدأ التغيير يظهر في كل زاوية. وعلى جدران الضريح الفخم الذي بُني لاحتواء رفاة الأسد الأب، ظهرت عبارات مناهضة للنظام السابق، كتب فيها المعارضون “يلعن روحك يا حافظ”.
بدأ السكان بالتجمع بعد نحو أسبوعين من سقوط النظام بالقرب من المكان الذي كان يضم قبر حافظ الأسد، بعد أن دمره بالكامل مسلحو المعارضة في أعقاب شنَّ هولاء المقاتلين الهجوم الذي أطاح بالنظام، منهين بذلك أكثر من خمسين عامًا من حكم العائلة الحاكمة.
أصبح الضريح، الذي كان يشهد توافد الزوار من مختلف أنحاء سوريا خلال حكم الأسد، مكانًا مهجورًا ومغلقًا أمام سكان القرداحة. وكانت المدينة الواقعة في الجبال المطلة على مدينة اللاذقية الساحلية، قد تحولت إلى منطقة مغلقة في فترة حكم آل الأسد، حيث لم يُسمح لهم بالاقتراب من القصور الفخمة للعائلة الحاكمة.
وعلى الرغم من أن عائلة الأسد كانت تتمتع برفاهية لا نهاية لها، فإن غالبية سكان القرداحة كانوا يعيشون حياة صعبة، إذ كانوا يعتمدون على الأعمال اليدوية والزراعة وأعمال الخدمة المدنية ذات الرواتب المنخفضة.
تم تجنيد العديد من أبناء المدينة في الجيش السوري، ليس بدافع الوطنية، بل لأنهم لم يكن لديهم خيار آخر. وحول هذا الموضوع، قال أحد شيوخ الطائفة العلوية هناك، ديب دايوب: “الوضع كان مختلفًا عما كان يُتصور في باقي أنحاء سوريا.”
وبينما رحب كثير من السكان بتغيير الوضع، فإنهم ما زالوا يواجهون تحديات كبيرة. حيث قال بعض الأهالي، مثل السيدة مريم علي، إنه يجب أن يتم القضاء على الطائفية لمنع إراقة الدماء، فيما دعا آخرون مثل المحامي أنيس دايوب، الذي قضى شهورًا في سجون النظام، إلى مصالحة حقيقية بين جميع الطوائف في سوريا.
يثير مصير آلاف من شباب قرداحة الذين خدموا في القوات المسلحة قلقًا كبيرًا، حيث اختفى العديد منهم بعد انهيار الجيش السوري. وظهرت بعض الأسماء لاحقًا في قوائم المعتقلين في مراكز احتجاز تابعة للمعارضة، مما يزيد من حالة التوتر والقلق بين أسرهم ومجتمعهم.
ومع ذلك، بدأت السلطات الجديدة في سوريا بفتح “مراكز المصالحة” في مختلف المناطق، حيث يمكن للجنود السابقين من جميع الطوائف تسجيل أسمائهم وتسليم أسلحتهم للحصول على بطاقة مصالحة تسمح لهم بالتنقل بحرية وأمان في أنحاء البلاد.
المصادر الإضافية • أب