*قراءة فلسفية للفيزياء بلغة شعرية*
*النفق الكمومي: استعارة وجودية بين الفيزياء والوعي البشري*
بقلم الكاتبة – مـيّ بنت فلاح الحارثي
المملكة العربية السعودية
النفق الكمومي هاجسُ الفكر، ورأسُ الحربةِ بين مضمار ميدان التحرير،
ليس نفقًا تُقاس أبعاده بالمتر،
بل ممرّ بين الممكن والمستحيل،
يمرُّ فيه الوعي كما تمرُّ الروحُ بين الحلم واليقظة،
كأنك تمشي على خيط من نورٍ معلّق في فراغ.
فيه تسكن الأسئلة القديمة:
“هل كنتُ أنا قبل أن أكون؟”
“وهل يسبقُ الإدراكَ وجودٌ، أم أن الوجود هو صدى الإدراك؟”
تتداخل فيه الجسيمات كما تتداخل القلوب في لحظة عشقٍ مفاجئة،
وكأن قول نزار قباني يخرج من بين جدرانه:
“كأنكِ من ندى وعقيق، كأنكِ كلّ ما في الأرض من أنثى…”
ففي النفق الكمومي،
العلم يذوب في بحرٍ من الشعر،
والشعر ينطق بلغةٍ لا تُدرَك إلا عند التمزق بين يقين وشك.
فيه يصبح الهروب نوعًا من الشجاعة،
ويغدو الصمت موقفًا،
كقول درويش:
“أنا من هناك، ولي ذكرياتٌ، وُلدت كما تولد الناس، لي لغةٌ في السماء…”
فالكمّ، هنا، ليس رقمًا ولا احتمالًا،
بل وجعًا يشبه الغربة في حضنٍ مألوف.
ميدان التحرير هنا ليس ساحةً فحسب،
بل معبرُ من الداخل إلى الخارج،
ثورةٌ تبدأ من تكسير جدران الإدراك،
من الخروج من نفق الذات إلى فضاء الأمل،
من أن تصرخَ في العدم:
“أنا هنا، رغم كل التشويش، رغم كل التداخل.”
وتنتهي الحكاية،
حين ندرك أن الكموميّة ليست فيزيائية فقط،
بل هي انعكاسٌ لحياتنا،
لكل قرارٍ أخذناه ولم نأخذه،
لكل حياةٍ عشْناها ولم نُكملها،
وأننا – كما قال إيليا أبو ماضي –
“أيهذا الشاكي وما بك داء… كن جميلاً ترى الوجودَ جميلاً.”