تزايدت في الآونة الأخيرة إنتاجات السينما المصرية، خاصة خلال مواسم الأعياد، مما أتاح للمشاهد فرصة لمتابعة أفلام مصرية جديدة بشكل شهري تقريبًا. ومع هذا الكم، لا تضمن الجودة دائمًا، إذ ينسى الكثير من هذه الأعمال بمجرد انتهاء العرض، ولا يذكرها النقاد إلا في نهاية العام. فيلم “قصر الباشا” هو أحدث هذه الإنتاجات، وهو عمل درامي تشويقي يطرح تساؤلات حول الميراث والأسرار الخفية.
الفيلم من إخراج محمد بكير وتأليف محمد ناير، ويشارك في بطولته نخبة من الممثلين، منهم أحمد حاتم، حسين فهمي، مايان السيد، صدقي صخر، حمزة العيلي، نبيل عيسى، أحمد فهيم، محمد القس، سمية رضا، وهيثم زيدان. تدور أحداث الفيلم في فندق عريق بأسوان، وتتوالى الأحداث في إطار من الغموض والتشويق.
ميراث ووصية وأسرار القصر القديم
تبدأ القصة في فندق قديم بأسوان، حيث يقيم الروائي علي نسر (أحمد حاتم) الذي اعتاد كتابة رواياته في غرفة محددة بالفندق. تربطه صداقة بفؤاد الباشا (حسين فهمي)، صاحب الفندق. بعد وفاة فؤاد، يتم فتح وصيته بحضور الورثة ومدير الخدم، ليكتشف الورثة أن مدير الخدم يشاركهم في الميراث، مما يثير الخلافات والمشاكل.
تتوالى الأحداث وتتكشف الأسرار، وتبدأ سلسلة من الجرائم، بما في ذلك جريمة قتل، مما يدفع علي نسر إلى التحقيق في الجريمة، ليتحول من كاتب عن الجريمة إلى محقق. يكتشف علي أن القصر يخفي العديد من الأسرار والطرق السرية.
محاكاة لأعمال سابقة
يعتبر فيلم “قصر الباشا” محاكاة لأعمال سينمائية سابقة، خاصة من حيث الحبكة وأماكن التصوير. فقد تم تصويره في فندق كتراكت القديم، الذي استضاف تصوير مسلسل “جراند أوتيل”. يجمع العملان بين التشابه في الأحداث، حيث تدور القصة حول فندق تقع فيه جرائم مختلفة، وتنكشف الحقائق حول العلاقات المتشابكة بين الشخصيات.
بالإضافة إلى ذلك، يميل الفيلم إلى الاعتماد على قشرة النوع السينمائي – التشويق والغموض – دون امتلاك الروح الحقيقية لهذا النوع. تعتمد بعض الأعمال على الإضاءة الخافتة والموسيقى الموترة لخلق جو من الغموض، لكنها تفتقر إلى حبكة محكمة وشخصيات ذات دوافع واضحة. هذا يجعل التجربة أقرب إلى عرض مصمم “ليبدو” محترفًا أكثر من كونه “مُحكمًا” فعليًا.
التركيز على الصورة على حساب القصة
يتميز المخرج محمد بكير بالاهتمام بالصورة والإطار الخاص باللوحة، أكثر من اهتمامه بمضمون القصة. هذا الأمر يظهر في أعماله السابقة، مثل فيلم “عروستي” ومسلسل “دفعة لندن”. في “عروستي”، قدم المخرج نسخة مألوفة من الرومانسية الكوميدية، بينما في “دفعة لندن”، قدم محاكاة خيالية لحياة مجموعة من الشباب العرب في لندن.
ينطبق الأمر على فيلم “قصر الباشا”، الذي اهتم صناعه بالديكورات الخاصة بالقصر وتصوير مشاهد خارجية مبهرة لمدينة أسوان، بينما افتقد الفيلم المنطق في العديد من الجوانب، مثل امتلاء القصر بالدهاليز والممرات، وقصة الابن المغضوب عليه، وغياب التوازن بين التشويق والكوميديا. السينما المصرية تحتاج إلى أعمال أكثر توازناً.
تقييم عام لفيلم “قصر الباشا”
فيلم “قصر الباشا” هو عمل يحاول الاستفادة من نوع سينمائي جاذب، لكنه يقع في فخ المحاكاة والاعتماد على الشكل على حساب المضمون. أفلام التشويق تتطلب حبكة متينة وشخصيات مقنعة، وهو ما لم يتحقق بشكل كامل في هذا الفيلم. الإنتاج السينمائي المصري يشهد تطوراً ملحوظاً، لكنه لا يزال بحاجة إلى أعمال أكثر أصالة وإبداعاً.
من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة المزيد من الأفلام الجديدة في دور العرض المصرية، خاصة مع اقتراب موسم الأعياد. يبقى السؤال: هل ستتمكن هذه الأفلام من تقديم أعمال ذات جودة عالية، أم ستستمر في تقديم أعمال تعتمد على المحاكاة والشكل على حساب المضمون؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.













