شهدت تشكيلات المنتخبات المشاركة في بطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، التي تستضيفها المغرب هذا العام، اعتمادًا متزايدًا على اللاعبين المولودين خارج القارة، وهو ما يعكس ظاهرة “الطيور المهاجرة” التي أصبحت شائعة في العديد من الدول الأفريقية. وتشير الإحصائيات إلى أن ما يقرب من 30% من اللاعبين المشاركين في البطولة ولدوا في أوروبا، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل كرة القدم الأفريقية وتأثير هذه الظاهرة على هويتها وتنافسيتها.
ومن بين 24 منتخبًا مشاركًا، يبرز منتخب جزر القمر كأكثر الفرق اعتمادًا على اللاعبين المولودين في أوروبا، حيث ولد 25 لاعبًا من أصل 26 في دول أوروبية مختلفة. كما أن المغرب، البلد المضيف للبطولة، والجزائر، والكونغو الديمقراطية، وغينيا الاستوائية، والسنغال تعتمد بشكل كبير على اللاعبين ذوي الجذور الأفريقية الذين نشأوا وتطوروا في أوروبا.
تأثير شبكات اكتشاف المواهب على تشكيلات المنتخبات
تعتمد العديد من الدول الأفريقية على شبكات واسعة لاكتشاف المواهب في أوروبا، حيث تبحث عن لاعبين مؤهلين لتمثيل منتخباتها الوطنية. وتستهدف هذه الشبكات بشكل خاص اللاعبين الذين لديهم أصول أفريقية، والذين قد يكونون مؤهلين للعب لمنتخبات بلدان أجدادهم.
وتشير التقارير إلى أن المغرب لديه لاعبون ولدوا في بلجيكا وفرنسا وهولندا وإسبانيا، مما يعكس التنوع الكبير للجاليات الأفريقية في أوروبا. وبالمثل، تعتمد الجزائر والكونغو الديمقراطية وغينيا الاستوائية بشكل كبير على اللاعبين الذين ولدوا ونشأوا في أوروبا لعائلات مهاجرة.
إجمالاً، من بين 664 لاعبًا في البطولة، ولد 191 لاعبًا في أوروبا، وهو ما يمثل نسبة 28.8%. وتشمل الدول الأوروبية التي يمثلها هؤلاء اللاعبون فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا والبرتغال والمملكة المتحدة وسويسرا والنرويج والولايات المتحدة وكندا.
الاستفادة من اللاعبين ذوي الجنسية المزدوجة
تعديلات في قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) المتعلقة بالأهلية الدولية قد ساهمت في زيادة عدد اللاعبين المولودين في أوروبا الذين يمثلون المنتخبات الأفريقية. ففي السنوات الأخيرة، سمحت فيفا للاعبين الذين مثلوا بلدًا واحدًا على مستوى الناشئين بتبديل ولائهم إذا كانوا يحملون جنسية مزدوجة.
بالإضافة إلى ذلك، سمحت فيفا للاعبين الذين شاركوا في مباريات دولية غير رسمية مع منتخبات كبيرة بتغيير تمثيلهم، مما فتح الباب أمام لاعبين مثل ويلفريد زاها لتمثيل كوت ديفوار بعد مشاركته في مباريات ودية مع إنجلترا.
ومع ذلك، لا تزال بعض الدول الأفريقية تعتمد بشكل كامل على اللاعبين المولودين على أراضيها، مثل مصر وبوتسوانا وجنوب أفريقيا، مما يعكس اختلاف الاستراتيجيات المتبعة في بناء المنتخبات الوطنية.

مستقبل كرة القدم الأفريقية وتأثير اللاعبين المولودين في أوروبا
تثير ظاهرة الاعتماد المتزايد على اللاعبين المولودين في أوروبا تساؤلات حول مستقبل كرة القدم الأفريقية. فمن ناحية، يمكن لهؤلاء اللاعبين أن يضيفوا قيمة فنية وتكتيكية للمنتخبات الوطنية، وأن يساهموا في رفع مستوى المنافسة. ومن ناحية أخرى، قد يؤدي ذلك إلى فقدان الهوية المحلية وتقليل فرص اللاعبين الأفارقة الذين نشأوا وتطوروا في القارة.
ويتوقع المراقبون أن يستمر هذا الاتجاه في المستقبل، مع استمرار شبكات اكتشاف المواهب في البحث عن لاعبين مؤهلين لتمثيل المنتخبات الأفريقية. ومع ذلك، من المهم أن تعمل الدول الأفريقية على تطوير قطاعاتها الشبابية وتعزيز قدرات لاعبيها المحليين، لضمان استدامة كرة القدم الأفريقية والحفاظ على هويتها المميزة.

من المتوقع أن يناقش الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) هذه القضية خلال اجتماعاته القادمة، بهدف وضع استراتيجية شاملة لتطوير كرة القدم الأفريقية وتعزيز قدراتها التنافسية. وستركز هذه الاستراتيجية على تطوير البنية التحتية، وتحسين برامج التدريب، وتشجيع الاستثمار في قطاع الشباب، بالإضافة إلى وضع ضوابط لتنظيم عملية اكتشاف المواهب واستقطاب اللاعبين المولودين في أوروبا.













