يعتبر عام 2024 عاما حاسما في تاريخ كازاخستان، حيث كانت على موعد مع تنمية حقيقية وعمل دؤوب يؤسس لدولة عصرية ويرسم ملامح المستقبل ويؤمن للأجيال القادمة حياة أفضل على كل الأصعدة، بالفعل كان عاما حافلا بالإنجازات بفضل حزمة الإصلاحات الاقتصادية المنهجية والتي أطلقها الرئيس قاسم جومارت توكاييف، والتي أرست أساسا متينا لخطة التنمية الخمسية للبلاد.
خضعت البنية التحتية في جميع أنحاء البلاد لتحديث شامل بعد أن كانت في حالة مهترئة يرثى لها، حيث تم بالفعل الانتهاء من بناء 18 مليون متر مربع من المساكن، بالإضافة إلى بناء أو إصلاح 7000 كيلومتر من الطرق السريعة، وافتتاح محطات الركاب الجديدة في مطارات ألماتي وكيزيلوردا وشيمكنت.
ونفذت الحكومة مشاريع واسعة النطاق في صناعات التعدين والبتروكيماويات، كما شهد قطاع الصناعات التحويلية تطورا كبيرا، حيث أصبحت حصته في الهيكل الصناعي الآن تساوي تقريبا حصة القطاع استخراج المعادن.
وأود بشكل خاص أن أسلط الضوء على نجاح القطاع الزراعي في كازاخستان، وكما قال الرئيس قاسم جومارت توكاييف في لقاء مع صحيفة آنا تيلي، حقق هذا القطاع حصادا قياسيا بلغ نحو 27 مليون طن من الحبوب – وهو أعلى مستوى في العقد الماضي، كما بدأت الحكومة سلسلة من المشاريع والبرامج الاجتماعية والتي تصب في مصلحة المواطن ليستشعر ثمار التنمية مثل برنامج الصندوق الوطني للأطفال، وزيادة المعاشات والعلاوات والمنح الدراسية ورواتب موظفي الخدمة المدنية، كما تم بناء مئات المدارس الجديدة ورياض الأطفال والمراكز الرياضية والتركيز على الرياضات الجماعية في جميع أنحاء البلاد.
وعلى الصعيد الأكاديمي أنشأنا أكثر من عشرة فروع لجامعات أجنبية رائدة، وتمت زيادة تمويل العلوم، وتلقت الشخصيات الثقافية البارزة دعما كبيرا، وذلك لتعزيز الإمكانات الإبداعية لمواطنينا، وبالرغم من التحديات الخارجية والكوارث الطبيعية المتمثلة في فيضانات غير المسبوقة والتي كانت سببا في تعطيل بعض من خططنا التنموية إلا أننا نجحنا في تحقيق الاستقرار وسرعة الاستجابة في مواجهة الطوارئ ومواصلة تنفيذ برنامج الإصلاحات.
وأود أن أؤكد على أنه منذ تفشي جائحة كورونا وحتى هذا الوقت، تمكنت كازاخستان من إدارة حالات الأزمات بشكل فاعل، وأظهرت استجابة سريعة ومحترفة في التعامل مع الآثار المدمرة لفيضانات الربيع والحادث المأساوي لسقط طائرة الركاب.
وافق البرلمان على خطة ومفهوم شامل لإدارة الموارد المائية تشمل بناء أكثر من 40 خزانا جديدا، وإعادة بناء 37 خزانا قائما بحلول عام 2030، وتحديث أكثر من 14 ألف كيلومتر من قنوات الري ويجري الآن تحديث واسع النطاق لأنظمة التنبؤ بحالات الطوارئ والوقاية منها، ولمعالجة النقص في المتخصصين في مجال المياه وتعزيز البحوث، قمنا بتأسيس الجامعة الوطنية الكازاخستانية لإدارة المياه والري، وخلال مشاركته في قمة المياه في المملكة العربية السعودية شدد الرئيس قاسم جومارت توكاييف على ضرورة على أن تحقيق الأمن المائي ومكافحة تغير المناخ تتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي.
موقع كازاخستان الجغرافي وإمكاناتها الاقتصادية وسياقها الجيوسياسي الحديث يضعها كدولة ذات أهمية استراتيجية في نظر معظم الدول، ولذلك تسعى مختلف دول العالم إلى الحفاظ على علاقات ودية معنا كقوة متوسطة نظرا لسلوكها المسؤول على الساحة الدولية ونهجها البناء في معالجة القضايا الأكثر إلحاحا في عصرنا من خلال كونها من المؤيدين الثابتين للأمم المتحدة باعتبارها «البيت المشترك للبشرية جمعاء».
بالإضافة إلى أن الرئيس الحالي لكازاخستان يتمتع بخبرة سياسية عريضة ويحمل خططا تنموية طموحة يعمل على تنفيذها في السنوات المقبلة، فضلا عن المبادرات الرائدة مثل المبادرة البيئية «تازا كازاخستان» (كازاخستان النظيفة)، والتي تغطي جميع مناطق البلاد والتي لا تقتصر على الشوارع النظيفة فقط ولكنها تشمل إدخال معايير جديدة للوعي البيئي في المجتمع، فهي ليست مجرد حملة، ولكنها منصة أيديولوجية لتطوير أمتنا نحو مجتمع تقدمي ومسؤول، بمشاركة نحو 3.8 ملايين شخص، حيث جمعوا أكثر من 1.5 مليون طن من النفايات وزرعوا أكثر من 3.2 ملايين شجرة ونبات.
والحكومة تعتقد أن على كازاخستان أن تعتمد منطقة زمنية موحدة، على حسب توصيات إعلان برشلونة، ولذلك عقدت جلسات استماع عامة في البرلمان بمشاركة العلماء والخبراء وممثلي المناطق، ونحن على يقين أن البرلمان والحكومة سيكونان قادرين على معالجة هذه القضية بشكل بناء واتخاذ قرار متوازن بشكل مشترك.
واستطاعت الحكومة الحالية ضمان النمو الاقتصادي وتحسين رفاهية المواطنين بشكل عام، وحققت خلال العام الماضي إنجازات ملحوظة في تنويع الاقتصاد وتطوير قطاع التصنيع وتحديث البنية التحتية، ومع ذلك هناك أيضا مجالات إشكالية تحتاج إلى مزيد من العمل الفاعل والجرأة في اتخاذ القرار، ولذلك أكد الرئيس توكاييف في أكثر من موضع أن المعيار الرئيسي لتقييم أداء الحكومة هو رفاهية المواطن.
أنا على يقين أن إيجاد مصادر جديدة لزيادة النمو الاقتصادي على أولويات الحكومة، حيث إن نسبة 4% نموا في الاقتصاد ليس كافيا لكازاخستان.
العدالة لا تعني المساواة الشاملة، كما أن إلغاء الامتيازات والفوائد التي تم الحصول عليها بشكل غير قانوني، جنبا إلى جنب مع إعادة الأصول المكتسبة بشكل غير قانوني إلى الدولة، ليس لفتة شعبوية، بل استراتيجية تهدف إلى تحديث كازاخستان على أساس مبدأ العدالة.
والدولة العادلة هي دولة سيادة القانون، وضمان تكافؤ الفرص للجميع، ونتيجة للجهود المبذولة لاستعادة الأصول المالية وغيرها من الأصول المكتسبة بشكل غير قانوني، تم استرداد أكثر من تريليوني تنغي (4.1 مليارات دولار أميركي) منذ عام 2022، ويتم استخدام هذه الأموال لبناء المدارس، وتطوير البنية التحتية الحيوية، ومعالجة القضايا الاجتماعية الأخرى.
الحقيقة ان قطار الإصلاحات السياسية وتحقيق العدالة والمساواة وضمان رفاهية المواطن قد انطلق في كازاخستان.