أدت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظتي حضرموت والمهرة إلى تصعيد حاد في التوترات مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، مما يهدد الاستقرار السياسي والأمني في البلاد. وتأتي هذه التطورات بعد أيام من سيطرة المجلس الانتقالي على قصر معاشيق في عدن، مما أثار مخاوف بشأن مستقبل اليمن ووحدة أراضيها. هذا التطور يضع العملية السياسية الهشة في البلاد على مفترق طرق.
وقد تمكن المجلس الانتقالي من بسط نفوذه على المحافظتين الغنيتين بالنفط دون مواجهات كبيرة، وهو ما أثار تساؤلات حول طبيعة الدعم الذي تلقاه، ومدى استعداد القوات الحكومية لمواجهة هذا التوسع. تعتبر حضرموت والمهرة من أهم المحافظات اليمنية من حيث المساحة والموارد، وسيطرة المجلس الانتقالي عليها تعني تحكمه في جزء كبير من ثروات البلاد.
سيطرة المجلس الانتقالي وتداعياتها على اليمن
السيطرة على حضرموت والمهرة ليست مجرد تغيير في السيطرة الإقليمية، بل هي تحدٍ مباشر لسلطة الحكومة اليمنية الشرعية. وقد أعلنت الحكومة اليمنية مغادرة أعضائها للعاصمة المؤقتة عدن متوجهين إلى السعودية احتجاجًا على هذه الخطوة، معتبرة إياها تقويضًا لوحدة القرار الأمني والعسكري.
وقال مصدر حكومي مقرب من الأحداث إن الحكومة اتخذت هذا القرار بعد فشل جهود التوصل إلى حلول مع المجلس الانتقالي، وخشية من أن يتم تهميشها بشكل كامل في المحافظتين. وأضاف المصدر أن الحكومة ستسعى إلى حشد الدعم الدولي للضغط على المجلس الانتقالي للانسحاب من حضرموت والمهرة.
توقف الرحلات الجوية في عدن
تأثرت حركة النقل الجوي بشكل كبير نتيجة لهذه التطورات، حيث توقفت رحلات طائرات الخطوط الجوية اليمنية في مطار عدن. وقالت وزارة النقل اليمنية، المحسوبة على المجلس الانتقالي، إن التوقف سببه “أسباب فنية خارجة عن الإرادة”، لكن مراقبين يرون أنه يأتي في سياق محاولة المجلس الانتقالي لفرض سيطرته الكاملة على المدينة.
وبعد جهود مكثفة، أعلنت الوزارة استئناف الرحلات الجوية، مع إقلاع طائرة متجهة إلى الأردن مساء الاثنين. إلا أن الوضع لا يزال هشًا، وهناك مخاوف من أن تتجدد الاضطرابات في أي لحظة.
تباين في ردود الأفعال
في المقابل، أكد المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، أنور التميمي، أن عددًا من أعضاء الحكومة التوافقية غادروا عدن، بينما بقي آخرون لممارسة مهامهم. وأشار إلى أن معظم المغادرين من الشمال، وأن المجلس الانتقالي لم يتلق أي إخطار رسمي بأسباب المغادرة.
وأضاف التميمي أن المجلس الانتقالي حريص على توفير البيئة المناسبة لقيام الحكومة بمهامها، وأن تركيزه ينصب على الجانب الخدمي والاقتصادي. وأشار إلى أن المواطنين يتابعون بارتياح التناغم بين توجهات الحكومة والمجلس الانتقالي نحو التعافي الاقتصادي.
الوضع السياسي في اليمن معقد للغاية، وتتداخل فيه مصالح إقليمية ودولية. وتشكل هذه التطورات الأخيرة تهديدًا إضافيًا للعملية السياسية الهشة، وقد تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها اليمن.
تقويض سلطة الحكومة اليمنية
وحذر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، من أن الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي تمثل خرقًا صريحًا لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وتهديدًا لوحدة القرار الأمني والعسكري. جاء تحذير العليمي خلال لقائه سفراء الدول الراعية للتسوية السياسية في اليمن، حيث أكد على رفض أي تحركات عسكرية أحادية.
وأعرب العليمي عن قلقه بشأن التداعيات الاقتصادية والمعيشية المحتملة لأي اضطراب، مشيرًا إلى أن ذلك قد يؤدي إلى تعثر دفع رواتب الموظفين، ونقص الوقود، وتفاقم الأزمة الإنسانية. وشدد على أهمية الحفاظ على وحدة اليمن واستقرارها.
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من التطورات، حيث من المقرر أن تعقد الحكومة اليمنية اجتماعًا طارئًا في الرياض لمناقشة الوضع الراهن، واتخاذ الإجراءات اللازمة. كما من المتوقع أن تشارك الأمم المتحدة والدول الراعية في جهود الوساطة للحد من التصعيد، وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها. يبقى مستقبل الاستقرار في اليمن مجهولاً، ويتوقف على مدى استعداد الأطراف المتنازعة للتوصل إلى حلول سياسية شاملة.
الوضع يتطلب مراقبة دقيقة لردود الأفعال الإقليمية والدولية، وخاصةً من السعودية والإمارات، اللتين تلعبان دورًا رئيسيًا في الصراع اليمني. كما يجب متابعة أي تحركات عسكرية جديدة من قبل المجلس الانتقالي أو القوات الحكومية، وتقييم تأثيرها على الوضع الإنساني في البلاد.













