طهران – في تطور لافت يذكر بتصعيدات سابقة شهدتها المنطقة، توعد الحرس الثوري الإيراني برد “ساحق” على اغتيال القائد العسكري في حزب الله، هيثم الطبطبائي، واصفاً إياه بعمل إرهابي. يأتي هذا التعهد وسط حالة من التوتر المتزايد في المنطقة، وتحديداً على الجبهة اللبنانية، مع تزايد المخاوف من انزلاق الأمور نحو مواجهة أوسع.
ويعتبر هذا الرد بمثابة إعلان واضح من طهران عن دعمها الكامل لحزب الله، وتأكيدها على أن دماء “الشهداء” تمثل خطاً أحمر. يأتي الإعلان بعد إدانة واسعة النطاق للاغتيال من قبل أطراف مختلفة في محور المقاومة، مع ترقب رد فعل حزب الله الذي يعتبر قوة رئيسية في مواجهة إسرائيل.
الوضع بعد اغتيال الطبطبائي والرسائل المتبادلة
أكد الحرس الثوري الإيراني، في بيان رسمي، أن اغتيال الطبطبائي في الضاحية الجنوبية ببيروت لن يمر دون عقاب، مشدداً على أن “حق الرد” محفوظ للمقاومة. وأشار البيان إلى أن عملية الاغتيال تمثل تصعيداً خطيراً في المنطقة، وأنها تستهدف الجبهة الأمامية للمقاومة اللبنانية.
يعكس هذا البيان قلقاً بالغاً في طهران بشأن استهداف قيادات المقاومة، ويأتي في سياق التوترات الإقليمية المتصاعدة. من جهة أخرى، يرى مراقبون أن هذا التهديد يهدف إلى إرسال رسالة ردع قوية لإسرائيل، وتحذيرها من مغبة الإقدام على المزيد من العمليات الاستهدافية.
تحليل التصعيد وتوقعات الردود المحتملة
يعتقد المحللون السياسيون أن اغتيال الطبطبائي يمثل نقطة تحول في الصراع الإقليمي، حيث يأتي في ظل حالة من الجمود السياسي والعسكري. ويرون أن إسرائيل تسعى من خلال هذه العملية إلى إضعاف حزب الله، وتقويض قدراته العسكرية، في محاولة لفرض واقع جديد على المنطقة.
يشير الخبراء إلى أن حزب الله يمتلك خيارات متعددة للرد على عملية الاغتيال، تتراوح بين الضربات العسكرية المحدودة، وبين التصعيد الشامل الذي قد يؤدي إلى اندلاع حرب واسعة النطاق. ولفتوا إلى أن قرار الرد سيكون مرهوناً بتقييم دقيق للمخاطر والفرص، مع مراعاة الظروف الإقليمية والدولية.
وفي هذا السياق، يرى الباحث في الشؤون الإقليمية، الدكتور أحمد دياب، أن البيان الصادر عن الحرس الثوري يحمل رسالة ضمنية إلى الولايات المتحدة، مفادها أن طهران لن تسمح بإضعاف حلفائها في المنطقة. وأضاف دياب أن إيران تعتبر حزب الله جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيتها الأمنية، وأنها ستدعم الحزب بكل ما أوتيت من قوة.
سيناريوهات محتملة للرد الإيراني وحزب الله
تتراوح السيناريوهات المحتملة للرد بين: 1) تصعيد تدريجي يتمثل في هجمات محدودة على أهداف إسرائيلية في الأراضي المحتلة أو في الجولان، بهدف إرسال رسالة ردع دون الانزلاق إلى حرب شاملة. 2) رد مباشر يتضمن ضربات عسكرية على أهداف استراتيجية إسرائيلية، مما قد يؤدي إلى تصعيد سريع في الصراع. 3) الاعتماد على الأذرع الإقليمية، حيث تقوم إيران بدعم فصائل المقاومة الأخرى في المنطقة لشن هجمات على إسرائيل، بشكل غير مباشر.
ويؤكد المسؤولون الإيرانيون على أنهم يراقبون الوضع عن كثب، وأنهم على استعداد للرد على أي عدوان إسرائيلي. وصرح الناطق باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، بأن طهران “تحتفظ بحقها في الدفاع عن نفسها وعن حلفائها، وأنها لن تتردد في استخدام جميع الوسائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف”.
تداعيات محتملة وتوقعات مستقبلية
قد تؤدي عملية الاغتيال إلى تصعيد كبير في التوترات الإقليمية، وزيادة خطر اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله. كما أنها قد تؤثر على الاستقرار السياسي في لبنان، وتزيد من صعوبة تشكيل حكومة جديدة.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تشهد المنطقة تحركات دبلوماسية مكثفة في الأيام والأسابيع القادمة، بهدف احتواء الأزمة ومنع التصعيد. غير أن نجاح هذه الجهود يبقى أمراً غير مؤكد، في ظل التباين الشديد في المواقف بين الأطراف المعنية، ووجود محور المقاومة الذي يرفض تسويات على حساب حلفائه.
يبدو أن الوضع يتجه نحو مزيد من التعقيد، وأن المنطقة تواجه تحديات كبيرة في الفترة القادمة. والمعطيات تشير إلى أن الرد الإسرائيلي المحتمل على أي عمل انتقامي من قبل حزب الله سيكون حاسماً، وسيشكل نقطة تحول في الصراع الإقليمي. يستوجب الوضع متابعة دقيقة لتطورات الأحداث، وتحليل السيناريوهات المحتملة، من أجل فهم التداعيات المحتملة للأزمة الحالية.













