يشهد لبنان تصاعدًا في التوترات الداخلية والخارجية، مع تركيز الضغوط الدولية على الجيش اللبناني لنزع سلاح حزب الله. وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار الاشتباكات الحدودية مع إسرائيل، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، مما يضع البلاد أمام تحديات غير مسبوقة.
تزامنت هذه الضغوط مع ردود فعل قوية من مسؤولين أمريكيين على مواقف الجيش اللبناني الأخيرة، خاصةً بعد بيانه المتعلق بالهجوم الإسرائيلي على قوات اليونيفيل. وتدعو واشنطن، بشدة، إلى تحقيق الاستقرار في لبنان، فيما يعتبر نزع سلاح حزب الله عنصرًا حاسمًا في هذا المسعى، بحسب تصريحات رسمية.
الجيش وحزب الله: مفترق طرق خطير
يواجه الجيش اللبناني مهمة معقدة في التوفيق بين التزامه بالدستور وتنفيذ قرارات الحكومة المتعلقة بنزع سلاح حزب الله، وبين الحفاظ على الاستقرار ومنع اندلاع صراع داخلي. بدأ الجيش في أيلول/سبتمبر بتفكيك البنى العسكرية لحزب الله جنوب نهر الليطاني، تنفيذًا لخطة حكومية، لكن هذه الخطوات تثير قلقًا متزايدًا من رد فعل الحزب.
في المقابل، يرفض حزب الله بشكل قاطع أي محاولة لنزع سلاحه، معتبرًا إياه جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية الدفاع عن لبنان ومواجهة التهديدات الإسرائيلية. ويؤكد الحزب باستمرار على أنه لا يزال يمثل قوة ردع فعالة ضد إسرائيل.
الضغوط الإسرائيلية والأمريكية
تأتي مطالبة نزع سلاح حزب الله في سياق الضغوط الإسرائيلية والأمريكية المتزايدة على لبنان. وتتهم إسرائيل الحزب بتهديد أمنها، وتطالب بتفكيك ترسانته العسكرية. أما الولايات المتحدة، فتعتبر أن وجود حزب الله المسلح يعيق الاستقرار الإقليمي ويقوض سيادة الدولة اللبنانية.
وتشير التقارير إلى أن واشنطن قد علقت بعض المساعدات العسكرية للبنان، احتجاجًا على ما تعتبره “بطئًا” في تنفيذ خطة نزع السلاح. كما أعربت عن قلقها من التعاون المتزايد بين حزب الله وإيران.
توتر متزايد مع واشنطن وانتقادات حادة
أثار بيان الجيش اللبناني الأخير، الذي انتقد فيه الهجوم الإسرائيلي على قوات اليونيفيل، ردود فعل غاضبة من بعض المسؤولين الأمريكيين. واعتبر السيناتور ليندسي غراهام أن موقف الجيش يمثل “انتكاسة كبيرة” للجهود الرامية إلى دعم لبنان، مشيرًا إلى أن هذا الموقف قد يؤثر على حجم المساعدات الأمريكية المقدمة للجيش.
وأضافت السيناتور جوني إرنست أن الجيش اللبناني يجب أن يكون “شريكًا استراتيجيًا” في مواجهة “إرهابيي حزب الله المدعومين من إيران”، وفقًا لتعبيرها. وتأتي هذه الانتقادات في وقت يواجه فيه الجيش اللبناني صعوبات مالية ولوجستية كبيرة.
في الوقت نفسه، يرى مراقبون أن التوتر بين الجيش اللبناني والولايات المتحدة يعكس حالة من الإحباط في واشنطن بسبب عدم تحقيق تقدم ملموس في ملف نزع سلاح حزب الله. ويخشون من أن يؤدي هذا التوتر إلى تفاقم الأزمة السياسية والأمنية في لبنان.
تداعيات محتملة ومستقبل غامض
تتعدد التداعيات المحتملة لتصاعد التوترات بين الجيش وحزب الله، وبين لبنان والولايات المتحدة. قد يؤدي ذلك إلى اندلاع صراع داخلي واسع النطاق، أو إلى تدخل خارجي في الشؤون اللبنانية. كما قد يعيق الجهود الرامية إلى إيجاد حل للأزمة السياسية والاقتصادية التي يعاني منها لبنان.
في الأيام القليلة القادمة، من المتوقع أن تشهد بيروت تحركات دبلوماسية مكثفة، بهدف احتواء الأزمة وتجنب التصعيد. ومن المقرر أن يجتمع الرئيس عون مع عدد من السفراء الأجانب لمناقشة الوضع الراهن. إلا أن مستقبل لبنان لا يزال غامضًا، ويتوقف على قدرة الأطراف المعنية على إيجاد حلول سياسية للأزمة.
وتشير التوقعات إلى أن الضغوط على الجيش اللبناني ستستمر، وأن الولايات المتحدة ستواصل المطالبة بنزع سلاح حزب الله. في الوقت نفسه، من غير المرجح أن يتخلى الحزب عن سلاحه طواعية، مما يزيد من خطر التصعيد.













